أقر الاتحاد الأوروبي تشريعاً تاريخياً للمنافسة يهدف إلى كبح جماح شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة من خلال قانون الأسواق الرقمية. ويتيح هذا القانون للاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات صارمة ضد الممارسات المناهضة للمنافسة من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى، وإجبارها على فتح خدماتها في المجالات التي تقيد سيطرتها فيها الخيارات المتاحة أمام المستخدمين، ويعيق نمو الشركات الصغيرة. شمل القانون ست شركات كبيرة منها «ألفابت» و«أمازون» و«أبل» و«ميتا» و«مايكروسوفت» و«بايت دانس الصينية».
ومن خلال قانون الأسواق الرقمية، تعتزم المفوضية التصرف بشكل أسرع وأقوى للتصدي لحالات استغلال المركز المهيمن بفضل التزامات ومحظورات محددة مسبقاً. تنص القواعد الجديدة على غرامات تصل إلى 20 بالمئة من حجم التداول العالمي في حالة الانتهاك الخطر والمتكرر. ومنحت المفوضية الأوروبية أيضاً القدرة على حل الشركات المخالفة كسلاح رادع يمكن استخدامه كملاذ أخير.
ومن أجل الامتثال للقانون، توصلت شركات التكنولوجيا الكبرى إلى مجموعة تغييرات تقنية كبيرة تفي بالقواعد الجديدة التي تهدف إلى فتح منصات التكنولوجيا الأكثر استخداماً وفرض خيارات أكبر أمام المستخدمين. ومن المتروك حالياً للمنظمين الأوروبيين للتدقيق في هذه التغييرات وإجبار الشركات على تنفيذ المزيد من التعديلات إذا اقتضت الضرورة.
تعد هذه المهمة كبيرة وصعبة للغاية، حيث استغرقت قضايا سابقة سنوات لحلها. يهدف القانون الجديد إلى جعل البيئة التنافسية في سوق التكنولوجيا أكثر عدالة وفيها حقوق المستخدمين المحمية. ويأتي هذا القانون في سياق تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب ممارسات الشركات التكنولوجية الأمريكية الكبيرة.
يهدف القانون الجديد إلى فتح المجال للشركات الصغيرة وتعزيز المنافسة الصحيحة من خلال إجبار الشركات الكبيرة على تقديم خيارات أوسع للمستخدمين وفتح خدماتها. ومن المهم للشركات الكبيرة أن تتبنى مجموعة من التغييرات التقنية لتلبية متطلبات القانون الجديد وتجنب العقوبات المالية الكبيرة التي يفرضها. ومن المحتمل أن تعمل الشركات الأوروبية المنافسة على استغلال هذا القانون لتعزيز موقعها وتحسين فرصها في السوق.
في النهاية، يعتبر قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي خطوة مهمة نحو تحقيق المنافسة الصحيحة في سوق التكنولوجيا وحماية حقوق المستخدمين. ويأتي هذا القانون لتجديد البيئة التشريعية والمنافسة في القارة الأوروبية وتحفيز الابتكار والتنافسية بين الشركات. ومن المتوقع أن تكون هذه الخطوة بمثابة تحول كبير في سوق التكنولوجيا العالمي وقد تؤدي إلى تغييرات جذرية في سلوك الشركات الكبرى.