مرّت أكثر من 11 سنة على الحادث الذي غيّر حياة أسطورة الفورمولا 1 ​مايكل شوماخر​، والذي وقع في 29 كانون الأول 2013، بعد أقل من عام على اعتزاله النهائي للسباقات. الحادث حصل أثناء رحلة تزلّج عائلية في منتجع ميريبيل الفرنسي، حين خرج شوماخر عن المسار الرئيسي لمساعدة متزلّج آخر، فاصطدم بصخرة مخفية وسقط على رأسه، ما أدى إلى إصابة دماغية خطيرة رغم ارتدائه خوذة.

شوماخر، البالغ من العمر آنذاك 44 عامًا، نُقل بطائرة مروحية إلى مستشفى موتييه ثم إلى مركز الصدمات في غرونوبل، حيث خضع لعملية جراحية طارئة ودخل في غيبوبة اصطناعية. أعلن الأطباء حينها أن حالته “حرجة للغاية”، وأكّد الجراح جان-فرانسوا بايين أن الخوذة أنقذت حياته، لكنها لم تمنع النزيف والتورم العنيف في الدماغ.

شهد المستشفى تدفقًا إعلاميًا هائلًا ومواقف مؤسفة، منها تنكر صحافي بزي كاهن لمحاولة التسلل إلى غرفته، بينما حاول موظف في خدمة الإسعاف الجوي بيع سجلاته الطبية مقابل 50 ألف يورو، قبل أن يُعتقل ويُعثر عليه منتحرًا في زنزانته.

بدأت عملية إيقاظ شوماخر من الغيبوبة في كانون الثاني 2014، وأعلنت المتحدثة باسمه، سابين كيم، في نيسان أنه يُظهر بوادر وعي. وبعد شهرين، خرج من الغيبوبة ونُقل إلى مستشفى لوزان في سويسرا، قبل أن يعود إلى منزله المطل على بحيرة جنيف، حيث خُصص له جناح طبي متكامل.

في عام 2016، أُجبر الفريق القانوني لشوماخر على نفي تقارير “بونته” الألمانية التي ادعت أنه قادر على المشي، مؤكدين أن شوماخر لا يستطيع الوقوف أو الحراك حتى بمساعدة. وفي السنوات التالية، استمرت العائلة في اتباع سياسة “الصمت الكامل”، مدعومة بالمستشار والصديق المقرّب جان تود، الذي قال مؤخرًا: “مايكل لم يعد الشخص نفسه… لكنه يعيش حياة مختلفة، ويُحاط برعاية مذهلة من زوجته وأولاده”.

في وثائقي Schumacher على نتفليكس، ظهرت قرينة شوماخر، كورينا، لتقول بصوت مكسور: “مايكل معنا، مختلف لكنه هنا… وسنواصل بذل كل ما بوسعنا ليشعر بحبنا، ونعيش كما كان يحب”. أما ميك، نجله وسائق الفورمولا 2 السابق، فقال: “أتمنى لو أستطيع التحدث معه الآن كلغة سائقي سباقات، لدينا الكثير لنقوله، سأضحي بكل شيء من أجل لحظة واحدة كهذه”.

رغم استمرار الغموض، لم يتوقف الدعم الجماهيري. ففي عام 2024، حصل شوماخر على وسام ولاية شمال الراين – ويستفاليا، تسلمته زوجته وابنته بحضور تود. وفي موقف مؤثر، كشف تود أنه يشاهد السباقات إلى جانب مايكل في صمت، وأضاف: “لا أفتقده، لأنني أراه، لكني أفتقد ما كنا نفعله سويًا”.

قصة شوماخر لم تنتهِ بالحادث، بل فتحت فصلًا من التحدّي والصبر والصمت النبيل. ومع بلوغه 56 عامًا مطلع 2025، تواصل العائلة حماية خصوصيته باحترام مطلق، رافضة الاستسلام للفضول الجماهيري أو الابتزاز الإعلامي.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version