كثيرة هي الأحداث التاريخية الكبيرة التي تزامنت مع منافسات النسخ الماضية في ​كأس العالم​، تعالوا نتعرف إليها

لقد خرج هذا الحدث من سبب وجوده الرياضيّ إلى فلكٍ أوسع تسبح فيه الحسابات الإقتصاديّة والسّياسيّة والثّقافيّة والإجتماعيّة والأمنيّة منذ ولادة هذه البطولة في ​الأوروغواي​ عام 1930، وحتى آخر نسخة عام 2022 في ​قطر​، إذ تزامنت إقامتها مع كثير من الأحداث التي إنعكست على المنافسة الرّياضيّة، وأصبحت تحمل أوجهاً جديدة تظهر في الصحف كعناوين وطنيّة وقضايا سياسيّة.

هذه أهمّ الأحداث التاريخيّة الّتي تزامنت مع منافسات النسخ الماضية:

توقّفت بطولة كأس العالم لمدة 12 عاماً بسبب الحرب العالميّة الثّانية. البداية عام 1930 في الأوروغواي لم تكن مثاليّة، لأنّها لاقت معارضةً شديدةً من اللّجنة الأولمبيّة الدوليّة لتخوّفها من بسط ​الاتحاد الدّوليّ لكرة القدم​ سيطرته على اللّعبة بتفاصيلها كاملة.

وشهدت البطولة مقاطعة بعض الدول الأوروبيّة لهذه النسخة لعدّة أسبابٍ، منها بُعد المسافة ومشاق السّفر. وفي النّسخة الثّانية، قاطعت الأوروغواي، حاملة اللّقب، البطولة التي إستضافتها إيطاليا عام 1934، كردٍ على المقاطعة الأوروبيّة لنسخة الأوروغواي. وبرزت في هذه النسخة تحديداً الدعاية الفاشية الّتي كانت تحكم إيطاليا بزعامة بينيتو موسوليني وسط توترات سياسيّة كبيرة كانت تعمّ أرجاء أوروبا قبيل إندلاع الحرب العالمية الثانية.

مرة أخرى، قاطعت الدولتان اللاتينيتان، الأرجنتين والأوروغواي، نسخة عام 1938 التي إستضافتها ​فرنسا​، وذلك إعتراضاً على قرار الإتحاد الدّوليّ الّذي وعد بالتناوب بين القارتين بحق الإستضافة، فيما غابت إسبانيا التي كانت تلتهمها نار الحرب الأهليّة في ذاك العام، لتتوقف هذه البطولة بمسمّاها القديم “كأس النصر” بسبب الحرب العالميّة الثّانية لمدة 12 عاماً.

حينها، إحتفظت إيطاليا باللّقب أطول فترة، وذلك 16 عاماً، بعد إلغاء نسختَي عام 1942 وعام 1946.

عادت هذه البطولة إلى الحياة من جديد بنسختها الرّابعة الّتي إستضافتها ​البرازيل​ عام 1950، إذ عجزت أيّ دولة أوروبيّة عن إقامتها بسبب الدّمار الّذي خلّفته الحرب، وشهدت نسخة البرازيل مقاطعة الأرجنتين بسبب الخلافات السّياسيّة بين البلدين، وحرمان اليابان وألمانيا من حق المشاركة بسبب العقوبات الّتي فرضها الإتحاد الدولي عليهما بسبب دورهما خلال الحرب العالميّة الثّانية.

• الحرب الباردة وأزمة النفط وألمانيا المقسّمة

دخل الحدث الكرويّ العالميّ منعطفاً جديداً خلال الحرب الباردة التي إمتدّت منذ نهاية الأربعينيات وحتى التسعينيات، والتي كان لها أثرٌ مباشرٌ في البطولة، فحضرت كوريا الجنوبية للمرة الأولى في النسخة التي إستضافتها سويسرا، وساعدتها هذه المشاركة في التخلّص من آثار الحرب التي عانتها بعد إحتلالها من قبل جارتها الشّماليّة حتى عام 1953.

أمّا في السويد، فقد حمل الأسطورة بيليه كأس العالم عام 1958، وأهداها لشعبه الذي كان يعاني الفقر المنتشر. “صحيح أننا لا نملك الخبز والماء، لكن لدينا بيليه وكأس العالم”. هذا ما صرح به رئيس البرازيل في ذلك الوقت.

وفي النسخة السابعة عام 1962، إستضافت تشيلي البطولة على الرغم من آثار الزلزال الذي ضربها، وهو الأقوى في التاريخ، بعدما بلغت درجته 9.6 درجات. وفي النسخة العاشرة، شهدت البطولة لقاء عاطفيّاً جداً حين تقابل منتخب ألمانيا الشرقية مع جارته الغربية التي إستضافت البطولة عام 1974، وحققت الشرقية مفاجأة، وتجاوزت الغربية في وقت كان العالم الغربي يعيش أزمة نفط خانقة، وتضخماً إقتصادياً كبيراً يُعرف حالياً بأزمة إمدادات النفط على خلفية حرب تشرين عام 1973 التي خاضها العرب بوجه الإحتلال الإسرائيلي، وإستعملوا النفط سلاحاً في المعركة للمرة الأولى.

وأُبعِدَ الاتحاد السوفياتي من المشاركة بسبب خلافات سياسيّة بعدما وقع في الملحق بوجه تشيلي التي خضعت لإنقلاب عسكريّ أطاح حليف السوفيات سلفادور آليندي، إذ رفض السوفيات لعب مباراة الإياب في تشيلي، فيما أصّر الإتحاد الدولي على ذلك.

وفي الأرجنتين عام 1978، صُنّفت البطولة أسوأ نسخة بسبب تداخل السّياسة والعسكر فيها. كانت الأرجنتين تقع تحت حكم عسكريّ، وتحتاج إلى تثبيت الحكم بإنجاز رياضيّ تستميل فيه شعبها. وقد إستعملت كل ما تملكه من أساليب.

وشهدت هذه البطولة غياب يوهان كرويف، أسطورة هولندا، تحت تأثير التهديد بسبب إنتقاداته السياسية للأرجنتين، فيما كان لقرارات الحكام كثيرٌ من الإنتقادات، نال في إثرها “التانغو” لقبه المونديالي الأول.

• قضية فوكلاند وسقوط الإتحاد السوفياتي

قضية جزر فوكلاند الأرجنتينة كانت حاضرة بقوة في كل مباراة تجمع منتخبي إنكلترا والأرجنتين (الّتي إحتلتها إنكلترا). أفرز هذا الصراع حساسيات كبيرة عند كل لقاء، كان أخطرها في مونديال إسبانيا عام 1982؛ تاريخ الحرب ذاتها في الجزر. وقد سجلت هذه النسخة صدامات عنيفة بين جمهوري المنتخبين، لتصبح “كلاسيكو” متكاملاً على خلفية نزاع الجزر.

مونديال 1990 شهد آخر ظهور للإتحاد السوفياتي كمنتخب ​كرة قدم​. وفي إثر تفككه، نشأت منتخبات جديدة، ثم تفككت تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا أيضاً لتولد منتخبات من رحم السياسة تحمل معها عناوين الماضي في كل مناسبة، حتى حظيت روسيا بشرف إستضافة نسخة 2018، التي برز فيها الأثر السياسي بعد العقوبات التي طالتها بسبب ضمها جزيرة القرم وأوسيتا الجنوبية الجورجية.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version