بدأت هذه القصة بعبارة تسلط الضوء على معاناة النازحين السوريين، وبالأخص المسنّين منهم، حيث يعيش صادق المحمد، الذي تجاوز السبعين من عمره، في مخيم “وطن” للنازحين في إدلب، في ظروف صعبة. فمنذ أكثر من خمس سنوات، هُجّر صادق من ريف حماة بعد الحملات العسكرية للنظام السوري وروسيا، التي دفعت الكثيرين في منطقته إلى النزوح. يشعر صادق بالوحدة، إذ تفرقت أسرته بين المخيمات وتركيا ولبنان، مما زاد من وطأة العزلة عليه.
يعاني صادق أيضًا من نقص حاد في الدعم الإنساني، حيث يحصل فقط على سلال غذائية من حين لآخر، بينما يعتمد على جيرانه في توفير بعض الطعام. يرافقه ألم الوحدة بالإضافة إلى معاناته الصحية، حيث يعاني من أمراض مزمنة مثل ضغط الدم والتهاب المفاصل، وهو يحتاج إلى عملية جراحية في عينيه. وفقًا له، فإن الظروف الصحية السيئة وقلة الأدوية تفاقم معاناته.
وبينما يعيش صادق وحده، تُظهر زينب الخالدي، المسنّة البالغة من العمر 73 عامًا، واقعًا مماثلاً، فهي تعاني من العزلة منذ ثلاث سنوات، دون معيل يساعدها في احتياجاتها اليومية، بينما تقدم لها أختها القليل من الرعاية. تعاني زينب من آلام حادة بسبب الانزلاق الغضروفي في ظهرها، مما يمنعها من الحركة بسهولة. تُعبر زينب عن أملها في العودة إلى منزلها في ريف حماة، لكنها تواجه صعوبة في الحصول على ما تحتاجه للبقاء.
تعتبر حالات صادق وزينب جزءًا من واقع أكثر من 800 ألف مسن يعيشون في شمال غربي سوريا، حيث يعاني أغلبهم من غياب الرعاية الصحية ونقص المساعدات الغذائية. وفقًا لتقارير من “منسقو استجابة سوريا”، فإن الأزمات المركبة التي يواجهها المسنون تشمل الجوانب الجسدية والنفسية، التي تصعّب من حياتهم اليومية. إذ أن الدعم الإنساني يظل قليلًا وغير كافٍ لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
تأثرت أوضاع المسنين في شمال غربي سوريا بشكل أكبر بعد توقف برنامج الأغذية العالمي عن إرسال المساعدات. وحسب الإغاثي هيثم الحمود، فإن هذا التوقف أثر بشكل كبير على توزيع المواد الإغاثية، مما أدى إلى زيادة الحاجة الماسة للمساعدات. يُشير الحمود إلى أن حوالي نصف مليون سوري تأثروا جراء ذلك، في وقت يعتمد فيه الكثيرون على هذه المساعدات بعد فقدانهم لمصادر دخل كافية.
سكان شمال غربي سوريا يعيشون في ظروف قاسية، حيث يقدر عددهم بأكثر من 6 ملايين نسمة، بينهم حوالي 3 ملايين نازح. تفتقر المخيمات، التي تتجاوز 1873 مخيمًا، إلى البنية التحتية الأساسية لتوفير حياة كريمة. يعيش في هذه المخيمات حوالي 2 مليون نازح، بينهم الكثير من المسنين الذين يحتاجون إلى عناية ورعاية خاصة. وسط كل هذه التحديات، يبقى أمل هؤلاء المسنين في الحصول على المساعدة والعودة إلى ديارهم التي هجّروا منها.