قد يكون من الصعب على الكثير من الأشخاص خارج الولايات المتحدة فهم الدوافع وراء رغبة ملايين الأميركيين في إعادة دونالد ترامب إلى السلطة، ولكن هناك ستة عوامل رئيسية تفسر هذه الظاهرة. أولها هو “العامل الشخصي”، حيث يُعتبر ترامب، على الرغم من كونه مليارديراً ونخبة في المجتمع، أقرب إلى الناس بسبب أسلوبه العفوي وكلامه المباشر. يشعر الكثيرون بأنه يعبر عن آرائهم ويشجعهم على التفاعل، مما يجعلهم يفضلونه على منافسيه الذين قد يُعتبرون أكثر احترافية وتعاليًا. يعتمد بعض الناخبين على تصور ترامب كمرشح قابل للانتخاب، بالرغم من وجود انطباعات سلبية عنه، لأنهم يرون فيه شخصاً يمكنه الإنفاذ دون تقديم صورة “قديس” مما يثير لديهم القلق حول العودة لمنافسه الذي يحمل شكاوى تجاه ترشحه.
العامل الثاني سيكون “المال”. يعتمد الاقتصاد الأميركي على نظام الرأسمالية المفرطة حيث تلعب القضايا الاقتصادية دوراً أساسياً في اهتمامات الناخبين. ومع تأثير جائحة كورونا على أسعار السلع الأساسية وزيادة التضخم، يشعر الناخبون بالاستياء تجاه سياسات إدارة بايدن ويرون في ترامب خيارًا يعبر عن مصلحتهم المالية الشخصية بدلاً من القيم الأخلاقية أو الديمقراطية.
أما بالنسبة للعامل الثالث، فهو “الشعبية”. تُظهر الإحصاءات أن القاعدة الأكثر ولاءً لترامب تتكون في الغالب من الرجال البيض غير الحاصلين على شهادات جامعية، الذين واجهوا تدهورًا في دخلهم. ومع تفشي الفجوة الاقتصادية بين المناطق الحضرية والريفية، تجذب شعبية ترامب المزيد من الفئات السكانية، بما في ذلك الأميركيين من أصول لاتينية، وهي فئات كانت تعتبر تقليديًا من جمهور الديمقراطيين.
العامل الرابع هو “تغيير الوضع”. ينظر الكثيرون إلى ترامب كمرشح مناهض للنظام، مما يعكس الرغبة في إجراء تغيير جذري في السياسة والإدارة. تمثل دعوات ترامب للتغيير صدى للكثيرين الذين يرون أن الوضع الراهن غير مرضٍ، ويدعمونه بسبب استجابته للمخاوف اليومية التي يواجهها المواطنون مثل الاقتصاد وأمانهم الشخصي.
أما العامل الخامس، فهو يتعلق بعدم الرغبة في تولي امرأة سوداء السلطة. يشعر بعض الناخبين، خاصة في الولايات الجنوبية والأكثر محافظة، بأنهم غير مستعدين لقبول امرأة من أصول أفريقية في رئاسة البلاد، بما يعكس التحديات الاجتماعية والثقافية العميقة التي لا تزال موجودة. وقد استغل ترامب هذه المشاعر في حملته، مما أدى إلى زيادة دعمه من قبل شرائح معينة من المجتمع.
أخيرًا، يتجلى العامل السادس في “إنهاء الصراعات”. يجد بعض الناخبين أن دعم ترامب لعدم التدخل في النزاعات الدولية وعوده بإنهاء الحروب مثل الحرب في أوكرانيا يمثل نقطة قوة، حيث يدفع ذلك لتقليل النفقات العسكرية والتوجه نحو أولويات داخلية. ولذلك، فإن مواقف ترامب حول القضايا الدولية تجذب الناخبين الذين يسعون إلى تقليل التكاليف المتعلقة بالضرائب.
تتضافر هذه العوامل لتشكل بيئة انتخابية تجعل الكثير من الأميركيين متمسكين بفكرة إعادة ترامب إلى السلطة، سواء لأسباب شخصية أو اقتصادية أو اجتماعية.