في إعلانٍ يعكس تصاعد التوترات بين الصومال وإثيوبيا، قررت الحكومة الصومالية طرد دبلوماسي إثيوبي يُدعى علي محمد آدن، المستشار بالسفارة الإثيوبية في مقديشو، بعد اتهامه بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد. هذه الخطوة تأتي في وقت حساس للغاية، حيث تتفاوض أديس أبابا على اتفاقية لاستئجار ميناء من منطقة أرض الصومال الانفصالية. وقد أعطت وزارة الخارجية الصومالية آدن مهلة 72 ساعة لمغادرة البلاد، مما يزيد من حدة الخلافات بين الجانبين.

ترتبط جذور الأزمة بنذر الغضب الذي يشعر به الصومال بسبب توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم لاستئجار ميناء من أرض الصومال، وهو ما يعتبره الصومال اعتداءً صارخًا على سيادته. الصومال لم يعترف باستقلال أرض الصومال منذ انفصالها عنه عام 1991، ويعتبر الاتفاق الذي يجري التفاوض حوله انتهاكًا لسيادة الدولة. على الرغم من تدخل تركيا في المحادثات بين البلدين، إلا أن تلك الجهود لم تسفر عن حلول، وتم إلغاء الجولة الثالثة من المحادثات التي كان مخططًا لها في سبتمبر الماضي.

في سياق هذه النزاعات، يسعى الصومال لحشد الدعم الدولي لتأكيد سيادته على أرض الصومال. ويظهر هذا الدعم بشكل خاص من مصر التي لطالما أعربت عن معارضتها لمشاريع تهيئة المياه التي تقوم بها إثيوبيا، مثل سد النهضة. إضافةً إلى ذلك، شهدت العلاقات بين الصومال وإريتريا توطيدًا مع توقيع اتفاقية تعاون أمني ضمن الدولتين، مما يشير إلى محاولة تشكيل تحالف ضد إثيوبيا. هذا التعاون يعد خطوة استباقية لمواجهة النفوذ الإثيوبي في المنطقة.

تعتمد إثيوبيا بشكل كبير على الوصول إلى البحر الأحمر لإقامة قاعدة بحرية وتوسيع تجارتها. حيث تواجه صعوبات مالية بسبب اعتمادها على جيبوتي المجاورة كميناء رئيسي لها، وهو ما ينظر إليه رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، على أنه مكلف للغاية. لذلك، يبدو أن إثيوبيا عازمة على المضي قدمًا في خططها، بغض النظر عن الضغوط الصومالية والانتقادات الموجهة نحو هذه الاتفاقيات.

تبرز القلق المتزايد نتيجة هذا التصعيد بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي لمنطقة القرن الأفريقي، التي تعد مسارًا حيويًا للشحن والتجارة العالمية. كما أن هناك تهديدات أمنية مستمرة، خصوصًا من حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية في المنطقة. الصومال خاطب إثيوبيا أنه في حال لم تتراجع عن الصفقة، فإنه يمكن أن يطرد ما يصل إلى 10 آلاف جندي إثيوبي متواجدين في البلاد كجزء من قوة حفظ السلام، وهو ما قد يخلق فراغًا أمنيًا يستغله الإرهابيون.

في الختام، يعكس الوضع القائم في منطقة القرن الأفريقي تعقيدًا متزايدًا، حيث تتداخل المصالح الوطنية والاعتبارات الأمنية بشكل كبير. الصومال يتطلع إلى تعزيز سيادته، بينما تسعى إثيوبيا لتحقيق طموحاتها الاقتصادية والإستراتيجية. ومع تزايد التوتر بين الجانبين، يبقى مستقبل هذه العلاقات مرهونًا بتطور الأحداث واستجابة الأطراف المعنية للمستجدات في المنطقة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version