دخل السباق الرئاسي الأميركي مرحلة حاسمة قبل أقل من أسبوع من موعد الاقتراع العام، حيث يشهد تنافسًا شديدًا بين المرشحين، وخاصة بين الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس. يسعى كلا المرشحين لاستمالة أصوات العرب والمسلمين، خاصة في الولايات المتأرجحة التي قد تسمح لهم بتغيير نتائج الانتخابات. ترامب، في خطاب له أمام الجالية العربية في مدينة ديربورن بولاية ميتشغان، قدم وعودًا تتعلق بالحفاظ على سيادة لبنان ووقف الحرب في غزة ولبنان، مؤكدًا أنه يمتلك علاقات جيدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنه أقر بوجود هوة بين الجمهوريين والناخبين العرب.
وعلى الجانب الآخر، عبّرت كامالا هاريس عن فخرها بالدعم الذي تتلقاه من المجتمع العربي والمسلم، مؤكدة التزامها بحل الدولتين وضرورة إنهاء الحرب في غزة. تصريحاتها جاءت في وقت تشير فيه البيانات الرسمية إلى مستويات قياسية في التصويت المبكر بلغت أكثر من 68 مليون ناخب، حيث ينتمي حوالي 38.6% من المصوتين للحزب الديمقراطي و36% للجمهوريين، مما يعكس التوازن القائم بين القوتين السياسيتين في البلاد.
تكشف استطلاعات الرأي، خصوصًا تلك التي أجراها مجلس العلاقات الإسلامية، عن انقسام كبير في أوساط الناخبين المسلمين، حيث يفضل 42% منهم التصويت لمرشحة الحزب الأخضر جيل ستاين، بينما تأييد هاريس بلغ 41%، مع انخفاض دعم ترامب إلى 10% فقط. يظهر هذا الانقسام أن الناخبين المسلمين يبحثون عن خيارات بديلة في ظل غياب توافق شبه شامل حول دعم أحد المرشحين التقليديين. وتتواصل الضغوط من الوسطاء بشأن تقديم عرض وقف إطلاق نار في غزة، في ظل انتظار نتائج الانتخابات الأميركية.
في الولايات المتأرجحة، تتقارب أرقام استطلاعات الرأي بين المرشحين. في جورجيا، على سبيل المثال، يزيد الفارق بين المرشحين عن نقطتين مئويتين، بينما في نورث كارولاينا، يمثل الجمهوريون نسبة مشاركة أعلى. تظل قضية الهجرة محورية في النقاشات الانتخابية، حيث تعهد ترامب بترحيل ملايين المهاجرين، بينما يطالب الديمقراطيون بإصلاح شامل لنظام الهجرة، وسط جدل حول تصريحات نائب ترامب عن المجتمع المسلم.
أريزونا، كمثال آخر، تظهر تباينًا في تأثير التصويت العربي والمسلم، حيث تقدر أعداد العرب الأميركيين بحوالي 77 ألف نسمة، مع دعوات لدعم هاريس رغم الانتقادات الموجهة لسياسات بايدن تجاه غزة. وتواجه حملة ترامب تحديات في كسب أصوات كبار السن، حيث أظهرت البيانات أن حوالي 60% من الناخبين في بنسلفانيا صوتوا لصالح الديمقراطيين. هذه الأرقام تشير إلى ضغط شديد على ترام للتكيف مع الرغبات المتنوعة للناخبين في الولايات المتأرجحة.
بينما يتزايد الحديث عن فرص النجاح لكل من المرشحين، تواجه الحملة الجمهورية انتقادات متزايدة بشأن تصريحات بعض مرشحيها، مثل جيه دي فانس، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجهها في جذب أصوات المجتمع المسلم. تبقى هذه الانتخابات تعبيرًا عن التغيرات الديموغرافية والفكرية في الولايات المتحدة، حيث يسعى المرشحون لاستمالة الناخبين من مختلف الخلفيات، مما يجعل هذه الحملة واحدة من الأكثر إثارة في التاريخ الأميركي الحديث.
من المؤكد أن الاقتراع المقبل لن يحدد فقط هوية الرئيس المقبل، بل سيؤثر أيضًا على السياسات الخارجية والداخلية بشكل كبير، ويحول مجريات الأمور بالنسبة للجالية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة. إن وعود المرشحين وتعهداتهم ستخلق بيئة تنافسية تعكس التوجهات الشعبية وآمال الناخبين العرب والمسلمين، مما يعكس استجابة السياسة الأميركية للتغيرات الاجتماعية والسياسية في البلاد.