في الولايات المتحدة الأميركية، تعتمد الانتخابات الرئاسية على نظام المجمع الانتخابي، الذي يعتبر نظاماً معقداً لتوزيع الأصوات على مستوى الولايات. يُعتبر المجمع الانتخابي المفتاح لدخول البيت الأبيض، حيث يجمع بين الناخبين والولايات في عملية اختيار الرئيس. على عكس الأنظمة الديمقراطية الأخرى، لا تُحسم الانتخابات الرئاسية بالتصويت الشعبي الوطني، بل عبر مجموعة من الناخبين تتكون من 538 شخص يُعرفون بناخبي المجمع الانتخابي، الذين يمثلون الولايات المختلفة بناءً على عدد سكانها.
تتولى الأحزاب السياسية في كل ولاية اختيار الناخبين الذين سيصوتون في النهاية للرئيس، وغالباً ما يكون هؤلاء الناخبون من مسؤولي الحزب أو المؤيدين. تجدر الإشارة إلى أن كل ولاية تحصل على عدد محدد من الناخبين بناءً على عدد ممثليها في مجلس النواب ومجلس الشيوخ. مثلاً، تتمتع ولاية ميشيغان بـ 15 صوتاً في المجمع الانتخابي، موزعة بين عضوين في مجلس الشيوخ و13 عضواً في مجلس النواب. هذا النظام يعكس توزيع السلطة في الكونغرس الأميركي ويُعدّ جزءاً مهماً من العملية الديمقراطية.
فيما يتعلق بكيفية تخصيص أصوات الناخبين، تعتمد معظم الولايات نظام “الفائز يأخذ الكل”، حيث يفوز المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في الولاية بجميع أصوات الناخبين في تلك الولاية. لكن هناك استثناءات، حيث تتبع ولايتا مين ونبراسكا نظاماً يخصص أصوات الناخبين بناءً على التصويت الشعبي. أيضاً، تحظى منطقة كولومبيا، رغم كونها ليست ولاية، بثلاثة أصوات في المجمع الانتخابي.
لكي يفوز المرشح الرئاسي، يجب أن يحصل على دعم الأغلبية من الناخبين، مما يتطلب منه الحصول على 270 صوتاً على الأقل من إجمالي 538 صوتاً. تجرى عملية التصويت على أصوات الناخبين في ديسمبر من كل عام انتخابي، وبعد ذلك تتم المصادقة على هذه الأصوات من قبل الكونغرس في أوائل يناير، لتأكيد فوز الرئيس الجديد وتوليه المنصب. الأمر الذي يؤكد الحاجة للاستراتيجية المدروسة للفوز في الولايات الرئيسية للحصول على الأصوات المطلوبة.
المهم في هذا النظام هو أن هناك احتمالية لعدم فوز المرشح الذي يحصل على أعلى عدد من الأصوات الشعبية. فقد حدث ذلك في انتخابات 2016 عندما فازت هيلاري كلينتون بالتصويت الشعبي، لكن دونالد ترامب حصل على presidency بفضل النجاح في الولايات الحاسمة التي قدمت له أصواتاً ضخمة من المجمع الانتخابي. ذلك يعكس تعقيد النظام ويُظهر عدم اتساقه بين التصويت الشعبي ومخرجات المجمع الانتخابي.
في الختام، يثير نظام المجمع الانتخابي جدلاً حول كفاءته ومدى عدالته. بينما يدعو بعض الأميركيين إلى إلغائه والمضي قدماً نحو نظام التصويت الشعبي، يدافع آخرون عن أهميته في ضمان عدم هيمنة الولايات ذات الكثافة السكانية العالية على الدول الصغيرة. هذا الصراع بين الحماية السياسية للولايات وتمثيل الأقليات يستمر في تشكيل النقاشات حول المستقبل الديمقراطي للأمة.