سلطت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية الضوء على أزمة غياب الإستراتيجية لدى الحكومة الإسرائيلية بعد مرور عام كامل على الحرب في غزة، ما يعكس حالة من عدم اليقين تعصف بالمؤسسة العسكرية والاستخباراتية. انتقد الصحفي الاستقصائي رونين بيرغمان المسؤولين الإسرائيليين، مشيرًا إلى أن هذه الفوضى والعشوائية في اتخاذ القرارات تحوّلت إلى ميزة للتهرب من تبعات الخيارات السياسية والميدانية. وعرض بيرغمان الوضع المعقد الذي يواجه إسرائيل على الجبهات المختلفة، سواء كانت شمالاً أمام حزب الله أو جنوباً في غزة. ومع تزايد الضغوط من حركات المقاومة، فقد أصبح غياب الإستراتيجية واضحاً، حيث تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية دون أي مؤشر على نهاية الصراع.

بيرغمان أشار إلى أن نشاطات حزب الله تُشكل تحديًا متصاعدًا، حيث يستمر الحزب في إطلاق صواريخ، وهو ما يعكس عدم فعالية الحلول المبتكرة للأسلحة التي يقوم الجيش الإسرائيلي بإطلاقها. وعلى الرغم من الضغوط العسكرية، فإن التصعيد لم يفضِ إلى نتائج مرغوبة، بل زاد من حالة الاستعصاء. كما تناول بيرغمان الوضع في قطاع غزة، مؤكداً أن الجنود الإسرائيليين لا يزالون عرضة للخطر وسط غياب رؤية واضحة لأهداف الحملات العسكرية. وأكد أن النقاشات حول قضية الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، التي تُثار في كل المناسبات الرسمية، لا تعكس في الحقيقة أي تقدم فعلي أو مفاوضات جادة.

وفي حديثه عن التوتر مع إيران، علق بيرغمان على الصراع الداخلي داخل الحكومة الإسرائيلية، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ينشغل في الصراعات السياسية دون وجود رؤية استراتيجية واضحة لمهاجمة إيران. تتداخل هذه الأزمات مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي، إذ كانت هناك خطط لمناقشة هجوم على إيران، إلا أن المشكلات الداخلية في إسرائيل أعاقت ذلك، مما يزيد من الغموض حول المواقف الإسرائيلية على الساحة الدولية. هذه الخلافات تعكس تصدعات عميقة في بنى القرار الإسرائيلي، مما يزيد من عدم الفعالية في التنسيق مع الحلفاء.

وفيما يتعلق بفتح جبهات متعددة، استنكر بيرغمان هذه السياسة، مشيرًا إلى أن هناك غموضًا حول الأهداف المرجوة من الهجمات المتعددة، مما يُعزز حالة من عدم اليقين. علق أيضًا على أن التبادل المحتمل للضربات مع إيران يمكن أن يفضي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، وهو حلم يراود بعض الأوساط في الحكومة، والذي قد يتحول إلى كابوس في حال لم تتم السيطرة عليه. هذا الوضع يضاعف من الضغوط على تل أبيب، ويجعل من الاستراتيجية العسكرية أداة غير منفذة في ظل السياسة الحالية.

انتقد بيرغمان أيضًا مفهوم “النجاح من خلال الفشل”، مُشيرًا إلى أن إسرائيل تحارب لتحقيق أهداف غير واضحة، حيث فشلت في تحقيق هدفين رئيسيين في غزة، وهما الإفراج عن الرهائن وتفكيك قدرات حماس. استُدعي العديد من التصريحات السياسية، كردة فعل على جملة معبرة تعكس الفوضى المستمرة، وهي رؤية قد تعمق حالة عدم التقدير لدى الأوساط الإسرائيلية. وفقًا لبيرغمان، فإن هذه الصراعات المتلاحقة تبين كيف أن الإسرائيليين يجاهدون للعيش في ظروف معقدة وغير واضحة.

حتّى في ختام المقال، لم يفت بيرغمان على الإشارة إلى مشاعر الإحباط السائدة داخل المجتمع الإسرائيلي نتيجة غياب الرؤية الإستراتيجية، وهو الأمر الذي أدى إلى قرارات مرتجلة وعشوائية تُصعِّب من تدبير الوضع. العديد من المواطنين الإسرائيليين يتطلعون إلى توفر خطة واضحة، تُعيد تجنيدهم نحو الأمل بدلاً من الفوضى. هذه التطورات تدل على أن الواقع القائم والذي يُفتقر إلى الرؤية، قد أصبح جزءاً من حياتهم اليومية، وأن غياب الاستراتيجية لم يعد نوعاً من الكمال بل يعكس الفوضى المستشرية والانعدام المستمر للوضوح في السلوك السياسي والعسكري.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.