عمّان- متخذين من قوله تعالى “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ” شعارا لهم، بدأ القائمون على وقف “ثريد” في العاصمة الأردنية عمّان أعمالهم التطوعية مع بداية شهر رمضان بتقديم ألف وجبة طعام يوميا للمارة وعابري السبيل والمحتاجين، في أحدث وأضخم مشاريع الوقف الخيرية في عمّان.
يحاكي “وقف ثريد” تكية إبراهيم الخليل في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل بفلسطين، التي يعود إنشاؤها إلى زمن صلاح الدين الأيوبي، قبل ما يزيد على 900 عام، والتي تُعد إحدى منارات الخليل وإحدى أقدم التكايا في العالم.
أهداف
يهدف الوقف الإسلامي في الأردن لتقديم خدمة الإطعام حصرا، وذلك بهدف مكافحة نقص التغذية والجوع، بتوزيع المئات من وجبات الطعام الساخنة والمتنوعة يوميا. وحسب القائمين على الوقف، فإن عملهم يرتكز على أمور رئيسية منها:
- توفير وجبات غذائية متزنة ومغذية وفق معايير صحية صارمة للأشخاص الذين يعانون من الجوع ونقص التغذية.
- تعزيز الوعي بمشكلة الجوع ونقص التغذية والجهود العالمية لحل هذه المشكلة.
- تعزيز الابتكار في الطرق التي يتم بها تقديم الوجبات الغذائية المتزنة والمغذية.
- الالتزام بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الوجبات الغذائية بطريقة تتفق مع القيم الإنسانية.
كما تصل صلاحية الطعام المقدم للمنتفعين إلى عامين دون إضافة مواد حافظة، إلى جانب تقديم وجبة غذائية عالية القيمة حسب أصول الضيافة العربية. وتشمل قائمة “وقف ثريد” 13 صنفا من الأكلات الأردنية والعربية المعروفة.

غير ربحي
وللحصول على وجبة طعام، لا يشترط الحصول على أي بيانات شخصية، فتقديم الطعام يوزع لجميع الجنسيات ولمختلف الأعمار، فهو وقف خيري غير ربحي وغير حكومي ويستوحي اسم “ثريد” من التاريخ الإسلامي نسبة إلى جد الهاشميين عمرو بن مناف في مكة المكرمة، الملقب بـ”هاشم” وهو أول من هشم الخبز في مرق اللحم وجعله ثريدا، واستمرت هذه الأكلة المعروفة إلى يومنا هذا.
يسعى القائمون على هذا الوقف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع وجبات غذائية تتفق مع القيم الإنسانية من خلال مراكز توزيع يتم اختيارها بعناية، ويعتمدون على التبرعات المالية لتوفير الطعام فقط لكل من يحتاجه، ولا تقتطع أي نسب تشغيلية من المبلغ المتبرع به، بل يستخدم كاملا لتوفير الطعام.
ويؤكد مدير الوقف يزن قطيش أن توزيع الوجبات سيكون يوميا وطوال السنة وليس فقط في شهر رمضان بمعدل 365 ألف وجبة تتوزع في عمّان. ويضيف للجزيرة نت أن الوقف -الذي تأسس قبل عامين- يعمل على سد احتياجات الضيوف من الطعام عبر توزيع ألف وجبة يوميا.
ووفقا له، يطلق الوقف على جميع المستهدفين مصطلح ضيوف بسبب حضورهم كضيوف بشكل يومي إلى مكان التوزيع الثابت في وسط العاصمة الأردنية، وتتم معاملتهم كزوار وتوزيع الوجبات المطهوة بشكل صحي تتناسب مع رغباتهم وأذواقهم المختلفة.
روح التضامن
وبالتنسيق مع الهيئة الخيرية الهاشمية، أطلق “وقف ثريد” حملة “غزة لنا فيها إخوة” وذلك بتأمين مليوني وجبة إفطار لأهالي القطاع خلال شهر رمضان المبارك، ويتم إرسالها بالتنسيق مع الجيش الأردني والهيئة، وإدخالها عن طريق الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم، بالإضافة إلى الإنزالات الجوية التي نفذتها طائرات سلاح الجو الأردني.
يوضح مدير الوقف قطيش أن الوقف أطلق في وقت سابق مبادرة “غزة 1” عبر تقديم آلاف الوجبات لمدة 100 يوم للقطاع المنكوب لدعم الجهود الإغاثية الإنسانية فيه، إضافة إلى حملة “غزة 2” خلال الشهر الكريم والتي هدفها توزيع آلاف الوجبات لمناطق في شمالي القطاع وجنوبه “بجهود المواطنين جميعا”.
وأكد أن “حملة ثريد لدعم صمود أهل غزة ليست بهدف تقديم الطعام فحسب، بل تأتي أيضا لتعزيز روح التضامن والأمل في المجتمع الأردني والعالم العربي، والشعور بمعاناة أهلنا في القطاع”.
وأضاف قطيش أن الشباب المتطوعين يقومون يوميا بخدمة زوارهم وعلى مدار العام، إيمانا منهم بقيمة هذا العمل الإنساني الذي يعكس القيم الأردنية الحميدة ويجسد مبدأ التكافل الاجتماعي، مشددا على أن الوجبات التي تصل قطاع غزة ذات قيمة غذائية عالية، إذ تلبي الوجبة الواحدة 40% من احتياجات الجسم اليومية.
ويتم توزيع الوجبات بدءا من موقع مركزي ملاصق للمسجد الحسيني التاريخي في وسط العاصمة عمّان يحتوي على مركز توزيع ومطبخ ومستودع مركزي قريب يعمل على سد حاجة الموقع الإدارية واللوجستية، وصولا إلى مراكز فرعية في مواقع أخرى في المملكة مثل المقامات الدينية الكبيرة وأي أماكن أخرى تحقق الغاية.