في مقال رأي نُشر في صحيفة “وول ستريت جورنال”، يتوقع الكاتب كينيث خاشيجيان خسارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات القادمة، معربًا عن ذلك من خلال ثلاثة أسباب رئيسية. يشير الكاتب إلى أن العديد من الديمقراطيين التقليديين، الذين نشأوا في الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، يواجهون صعوبة في تصور هاريس كقائدة تمثل القيم السياسية والقيادية التي أرسى دعائمها قادة حزبهم السابقون، مثل فرانكلين د. روزفلت وهاري ترومان. هذه الفجوة في “المكانة” التي تعاني منها هاريس تؤدي إلى عدم قدرتها على استقطاب الدعم الكافي من الناخبين، حتى لو لم يذهبوا بالفعل للتصويت لصالح منافسها، الرئيس السابق دونالد ترامب.
عبر السنوات الأربع الماضية، كان أمام هاريس الفرصة لتعزيز مركزها على الساحة الوطنية والدولية وتوسيع سيرتها الذاتية لتتجاوز كونها مجرد اختيار جو بايدن. لكن الكاتب يعبر عن أسفه، معتبرًا أنها لم تستغل هذه الفرصة، ما جعلها شخصية غير ملائمة للمتطلبات السياسية الحالية. إن تجاهلها لهذا التحدي أدي إلى فشلها في تكوين هوية سياسية قوية تمكنها من المنافسة بفعالية، مما يثير الشك حول قدرتها على استقطاب الدعم الشعبي.
يؤكد خاشيجيان أن هاريس لم تكن مستعدة لخوض غمار السياسة بشكل حقيقي، إذ اعتمدت بشكل أساسي على الدعم الذي حصلت عليه من العراب السياسي باراك أوباما ووسائل الإعلام التي تسعى إلى منع ترامب من العودة إلى سدة الحكم. وهذا الاعتماد يعكس عدم قدرتها على بناء قاعدة دعم ذاتية، مما يزيد من الشكوك حول قدرتها على تولي منصب رفيع في الحكومة الأمريكية. تشهد مسيرتها على تباين بين ما كانت تروج له من أنها قادرة على القيادة وما أظهرت من ضعف في مواجهة الأزمات الحقيقية التي تحتاج إلى حسم.
الفجوة بين الصورة التي تحاول هاريس تقديمها وبين الواقع الذي تعيشه يجعلها عرضة للسخرية والنقد. فقد جاء ردها في برنامج “ذا فيو”، عندما سُئلت عما كانت ستفعله بشكل مختلف عن بايدن، ليظهر عدم قدرتها على تفكيك الإصلاحات والتحديات التي تواجه الإدارة الحالية. فالجرأة على إدراك الأخطاء هي أمر ضروري للزعامة، لكن هاريس عبرت عن عدم وجود أي فارق بين أدائها وأداء بايدن، مما يُضعف موقفها بعيدًا عن الناخبين.
لا تتمكن هاريس من إضفاء معنى حقيقي لحملتها الانتخابية رغم محاولاتها لجذب الأضواء من خلال استعراض شخصيات مشهورة مثل بروس سبرينغستين وبيونسيه. هذه الاستعراضات تظهر أنها تحاول إضفاء طابع جذاب على حملتها، لكن الكاتب يعتبرها مجرد تثبيت سطحي لا يخفي التصدعات الجوهرية في استراتيجيتها. إن محاولاتها لجذب الانتباه، دون تقديم رؤية سياسية واضحة ومقنعة، تبقيها في خانة المرشحة الضعيفة غير القادرة على مواجهة الانتقادات الداخلية والخارجية.
باختصار، تتجلى التحديات التي تواجه كامالا هاريس في الانتخابات المقبلة بوضوح، حيث يشير الكاتب إلى أنه بالرغم من الجهود المبذولة لتطبيق سياسات جذابة، تبقى آثار الماضي وعدم القدرة على الانفراد بسياسات واضحة عائقًا أمام رغبتها في النجاح. إن غياب الهوية القوية وعدم الاستعداد للدخول في صراعات سياسية حقيقية يفقدها دعم الأساس الشعبي، مما يجعل من الصعب أن تتخيل كمرشحة قادرة على المنافسة الجادة في الساحة السياسية الأمريكية.