تواجه وكالات الاستخبارات الغربية تحديات متزايدة في مواجهة أنشطة التجسس المتتالية من قبل الصين، حيث أصبحت الأخيرة تعتمد على وكالات الأمن والشركات الخاصة وحتى الأفراد المدنيين لجمع المعلومات بشكل لم يسبق له مثيل. يتزايد القلق في الغرب من أن التباطؤ الاقتصادي في الصين قد يؤدي إلى ارتفاع في أنشطة التجسس، مما قد يزيد من حدة التوترات بين بكين والدول الغربية. بحسب تقرير من صحيفة “وول ستريت جورنال”، يُعتبر من النادر أن يمر أسبوع دون أن تصدر تحذيرات من وكالات الاستخبارات الغربية بشأن التهديدات الصينية التي تهدف إلى تقويض المنافسين وتعزيز الاقتصاد الوطني.

في السياق، أعلنت وكالة التحقيقات الفيدرالية الأمريكية عن اختراق شركة صينية مرتبطة بالحكومة الأمريكية لحوالي 260 ألف جهاز متصل بالإنترنت في عدة دول، مما يعكس شمولية وتعقيد الممارسات الصينية في مجال التجسس. بالإضافة إلى ذلك، كشفت تحقيقات في الكونغرس عن تقنيات مدمجة في رافعات الشحن الصينية في الموانئ الأمريكية، قادرة على التحكم بها بشكل سري من قبل بكين. كما أن هناك مزاعم بشأن تورط مسؤولين أمريكيين سابقين في أنشطة تجسس لصالح الصين، مما يفتح الباب أمام مزيد من التدقيق والقلق الأمني.

ردًا على هذه التهديدات، أطلقت السلطات الأمريكية حملة لتعقب تداعيات الاختراق الأخير ولتعزيز حماية الأنظمة الحكومية. ورغم الجهود، يُعتبر اللجوء للحذر في التعامل مع الصين مسألة صعبة في ظل عمق العلاقات الاقتصادية العالمية. وفي مقابل ذلك، تواصل بكين نفيها لعمليات التجسس الموجهة ضد الغرب، مشيرةً إلى أنها نفسها ضحية للقرصنة الأجنبية. من جانبهم، أكد الخبراء أن الجهود الصينية لجمع المعلومات قد تعدت بمراحل تلك التي كانت موجودة في زمن الحرب الباردة.

في المقابل، تُظهر تقديرات الاستخبارات الأميركية أن عدد القراصنة المدعومين من الصين يفوق عدد موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي بواقع 50 إلى 1. وقد أثبتت تقارير من وكالات عالمية بأن عدد عملاء التجسس الصينيين قد يتجاوز 600 ألف شخص، مما يشير إلى اتساع نطاق عمليات التجسس الصينية وضخامة حجمها. ليس فقط في الولايات المتحدة، إذ أشار مسؤولو المخابرات في كندا وأستراليا إلى محاولات صينية للتأثير في الانتخابات والسلطات، وهو ما يعكس استخدام بكين لأساليب متنوعة ومتشابكة لتعزيز نفوذها.

مع تزايد التوجس من الصين، يعتقد العديد من المسؤولين الغربيين أن وتيرة التجسس ستتصاعد مع التحديات الاقتصادية التي تواجهها بكين، مما قد يدفعها لسرقة الابتكارات والتكنولوجيا الضرورية لدعم اقتصادها. يُشير مسؤولو الاستخبارات إلى أن النظام الأمني الصيني يسعى للحفاظ على الأمان من خلال تعزيز عمليات التجسس وبناء النفوذ السياسي، مما يزيد من قلق الدول الغربية حول قدرة الصين على تحقيق أهدافها في هذا المجال.

أخيرًا، تشير التقارير إلى أن الشبكات المرتبطة بالصين قد تمكنت من الوصول إلى سجلات الناخبين في المملكة المتحدة وأنها تعمل على تحقيق اختراقات في بنى تحتية حيوية في أمريكا. تُسلط هذه الحوادث الضوء على الطريقة التي تتبعها الصين في التجسس، حيث لا تتبع الأساليب التقليدية بل تتسم باللاتمركز والمراوغة. وبسبب هذه الأشكال المتنوعة من التجسس، تكافح وكالات الاستخبارات الغربية لتعقب نشاطاتها، مما يجعل من الصعب عليها احتواء تأثيرات الأنشطة الصينية المتزايدة في الساحة العالمية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.