أبرزت صحيفة وول ستريت جورنال التحديات التي تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في ظل تطورات الوضع الأمني في الشرق الأوسط، ولا سيما في ظل استعداد إسرائيل للرد على إيران بشكل مستقل. يشير التقرير إلى أن التأثير الأمريكي على القرار الإسرائيلي قد تراجع، مما يعكس عدم قدرة الولايات المتحدة على التأثير الفعّال في السياسة الإسرائيلية، بالرغم من الادعاءات العكسية من البيت الأبيض. وقد أشار التقرير إلى رأي جون ألترمان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، الذي اعتبر أن إسرائيل تنظر إلى الولايات المتحدة على أنها مجرد “مستشار كثير التذمر” دون تأثير حقيقي.
العلاقة بين بايدن ونتنياهو، التي تمتد لأكثر من 50 عامًا، شهدت تدهورًا ملحوظًا، حيث لم يتحدث بايدن مع نتنياهو منذ أغسطس الماضي. يعود ذلك إلى التباين الكبير بين الأجندتين السياسية والعسكرية للبلدين في الشرق الأوسط، مما يعكس الجفاء في العلاقات بينهما. كما أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة تلعب دورًا كبيرًا في توجيه سياسة بايدن تجاه إسرائيل، إذ تخشى الإدارة من ردود فعل سلبية من ناخبيها في حال تم الضغط على نتنياهو.
وفي إطار توتر العلاقات، يستغل نتنياهو هذه الديناميكيات لصالحه، مما يمنحه حرية أكبر في اتخاذ القرارات دون تدخل أمريكي كبير، خاصة فيما يتعلق بالعمليات العسكرية. وتظهر تقارير وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة ليست ضد هجمات إسرائيل على مجموعة حزب الله، لكنها تفضل تجنب الدخول في صراع عسكري جديد، وهو ما يعكس عدم الاستقرار في السياسات الإسرائيلية والأمريكية.
كما أشار التقرير إلى أن الجهود الأميركية الرامية لكبح جماح التصعيد في غزة لم تؤت ثمارها، حيث أظهر نتنياهو عدم مبالاة برغبات حلفائه الأميركيين. عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله من قبل إسرائيل كانت مثالاً على ذلك، حيث تم تنفيذ الضربة من دون إبلاغ البيت الأبيض، مما أبرز استقلالية القرار الإسرائيلي في الوقت الذي كان فيه الدبلوماسيون الأمريكيون يحاولون منع تصاعد النزاع.
علاوة على ذلك، تشير التقارير إلى أن هجمات إسرائيلية أخرى تمت بعد زيارة لمبعوث أمريكي، مما يدل على تجاهل إسرائيل للمطالب الأمريكية بتهدئة الأوضاع في المنطقة. ولكن لأسباب تتعلق بانتخابات منتصف المدة الأمريكية، لم يكن هناك ضغط جاد من السياسيين الأميركيين على نتنياهو. هذا الموقف يسلط الضوء على تصاعد الخلاف بين البلدين، حيث أثبتت التطورات الأخيرة أن إسرائيل تتخذ قراراتها العسكرية بشكل مستقل.
في الختام، تقدم وول ستريت جورنال صورة تعكس تعنتاً في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، حيث إن الأجندات السياسية وتغير الديناميات الإقليمية قد أسفرت عن تراجع القدرة الأمريكية على التأثير في السياسة الإسرائيلية. وهو ما يشير إلى أن الولايات المتحدة باتت أقل فعالية في السيطرة على النزاعات في الشرق الأوسط، بينما تواصل إسرائيل اتخاذ القرارات التي تناسب مصلحتها بعيداً عن الضغوط الأمريكية.