في كتابه المقرر إصداره قريبًا بعنوان “الحرب”، يكشف رئيس تحرير صحيفة “واشنطن بوست” بوب وودورد عن تفاصيل مثيرة حول سلوكيات وقادة عالميين في ظل الأزمات العالمية المتتالية. يبرز الكتاب التنافس السياسي بين الرئيسين الأمريكيين السابق دونالد ترامب والحالي جو بايدن، مشيرًا إلى العواقب المترتبة على جائحة كورونا وغزو أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط. يختتم وودورد بملاحظة أن بايدن، بالرغم من الأخطاء التي ارتكبها، قدم “قيادة ثابتة وهادفة”، بينما أظهر ترامب مستوى من التهور والمصالح الذاتية يجعله “غير لائق” لتولي رئاسة البلاد. يأتي هذا الكتاب في وقت يعاني فيه العالم من العديد من التحديات، مما يزيد من أهمية هذه الشهادات والتحليلات.
تتضمن الفصول الأولى من الكتاب قصصًا مثيرة حول قرارات ترامب خلال فترة رئاسته، ومن بين هذه القصص، يروي وودورد أنه في عام 2020، أرسل ترامب أجهزة لفحص الإصابة بفيروس كورونا إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت كان يواجه فيه نقصًا حادًا في الإمدادات. كانت لحظة حرجة حيث كان بوتين يشعر بالخوف من الفيروس، لكن طلبه لترامب بعدم الكشف عن هذه الإمدادات يعكس العلاقة الغامضة بين القائدين. تم إلغاء أسرار هذه الإمدادات لأسباب سياسية، مما يعكس كيفية تعامل ترامب مع الأزمات بتهور، حيث لم يمنعه ذلك من التصريح بأن الأمر لا يعنيه.
من جهة أخرى، يقدم الكتاب رؤى حول شخصية جو بايدن، مشيرًا إلى نوبات الغضب التي يمكن أن تنتابه عندما يتعلق الأمر بقادة مثل بوتين ونتنياهو. انتقد بايدن بشدة كل من الزعيمين، ووصف بوتين بـ “نموذج الشر”، مع الإشارة إلى أن رؤيته للأزمة قد تناولت الأبعاد النظرية والسياسية للصراعات. زاد غضبه تجاه نتنياهو خلال أزمة غزة عندما أدرك أن الدافع وراء تصرفاته لم يكن هزيمة حماس بل حماية نفسه، وهو ما يعكس الصراعات الداخلية في نهج بايدن تجاه السياسة الخارجية.
فيما يتعلق بكامالا هاريس، تشير الروايات إلى أنها تبنت نهجًا مختلفًا عند الحديث عن موضوعات تتعلق بالشرق الأوسط، حيث أبدت حماسًا في التعبير عن معاناة الفلسطينيين. بعد اجتماع مع نتنياهو، أصبحت نبرتها علنية وعاطفية، مما أدى إلى تفاجؤ وغضب نتنياهو. يشير ذلك إلى وجود تفاوت بين المواقف العامة والخاصة، ما يعكس التوترات المتزايدة بين المسؤولين الأمريكيين وإيجاد توازن صعب في السياسة الخارجية.
يتطرق وودورد أيضًا إلى الاستجابات الأمريكية لما يبدو أنه تهديد نووي من الروس في خضم الصراع الأوكراني. استخدام الولايات المتحدة لوسائل استخبارات متقدمة لتوقع تحركات روسيا في 2022 يظهر مدى تعقيد المشهد. وقد حاول بايدن احتواء التصعيد بإشراك الرئيس الصيني شي جين بينغ في محادثات حول العواقب المحتملة لاستخدام الأسلحة النووية. هذا التوجه يعكس استراتيجية أكثر دقة للتعامل مع التهديدات المباشرة.
ختامًا، ينظر وودورد إلى الساحة السياسية الأمريكية من خلال عدسة هذه الأزمات، مشيرًا إلى كيفية تأثير تلك الأحداث على ديناميكيات القيادة وتوازن القوى. يقدم الكتاب تحليلًا دقيقًا للمواقف والمسؤوليات، ويضع تصورات القادة ودورهم في تشكيل السياسات العالمية. بالرغم من الانتقادات التي تعرض لها الكتاب من قبل حملة ترامب، تبقى الحقائق التي تم تسليط الضوء عليها مهمة في فهم تعقيدات العلاقات الدولية والسياسات الأمريكية الحديثة.