تأتي جولة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى دول جيبوتي وأوغندا وبوروندي ورواندا وكينيا في إطار الجهود المبذولة لتطوير الأمن في الصومال، حيث تسعى هذه الزيارة إلى بحث المرحلة الانتقالية لبعثة القوات الأفريقية الانتقالية (أتميس) وتحويلها إلى بعثة دعم استقرار الصومال. يُنظر إلى هذه الجولة على أنها خطوة مهمة في تعزيز التحالفات العسكرية الإقليمية، فضلاً عن محاولة التأكيد على حق الصومال السيادي في اختيار الدول المساهمة في البعثة الأمنية الجديدة، وهي خطوة تهدف لحماية مصالحها الوطنية من التدخلات الخارجية، خصوصاً من الجانب الإثيوبي.

تتزامن الجولة مع الخلافات الداخلية والإقليمية حول تشكيل البعثة الجديدة، حيث تمت زيادة الجهود لدعم الموقف الصومالي الرافض لمشاركة إثيوبيا في هذه البعثة، حيث تؤكد الحكومة الصومالية أن وجود قوات إثيوبية في البعثة يمكن أن يهدد وحدة وسيادة البلاد. تشعر مقديشو بقلق خاص حيال هذه المسألة، لذا جاء التركيز على تعزيز موقفها خلال المحادثات مع الدول الإفريقية المساهمة في القوات، ما ينعكس على أهمية التعاون بين الصومال وأشقائها في المنطقة بما يضمن تحقيق الاستقرار والأمن.

في ضوء التطورات الداخلية والخارجية التي تؤثر على أمن الصومال، يُعتبر من الضروري توسيع التحالفات العسكرية لتلبية التحديات الأمنية، حيث لا يزال خطر حركة الشباب يشكل هاجساً رئيسياً. لذلك، تسعى الحكومة الصومالية إلى تعزيز التنسيق العسكري والاستخباراتي مع الدول المجاورة، وهو ما يعكس استراتيجيتها الجديدة التي تهدف إلى بناء قدرة عملانية خاصة بالجيش الصومالي وتخفيض الاعتماد على الدعم الأجنبي بعد انتهاء بعثة “أتميس”.

مع ذلك، تمثل هذه المرحلة الانتقالية الأمنية فرصة للصومال لتولي مسؤولياته الأمنية بشكل أكبر، إذ تأمل الحكومة أن يتيح لها النجاح ضد حركة الشباب، الذي أدى إلى استعادة السيطرة على أراضٍ شاسعة. وعليه، يظهر أن الشراكة مع المجتمع الدولي ستظل ضرورية، لكن التركيز سيكون على تمكين القوات المحلية وتخويلها بمسؤوليات أمنية كاملة، ما يتطلب التنسيق الفعّال مع الشركاء الأفارقة والدوليين.

تتسم طبيعة ومهام البعثة الجديدة بتحديات متعددة، حيث من المتوقع أن تشمل تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية المحلية، مع تخطيط واضح لنقل المسئولية الأمنية بشكل تدريجي. يبرز مسعى الحكومة الصومالية في توجيه هذه البعثة لتحسين الأوضاع الأمنية بشكل متكامل مع دعم الاستقرار في البلاد. ولتعزيز هذا الهدف، سيتم اجتماع مع ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لمناقشة التفاصيل المتعلقة بالبعثة الجديدة وتحديد احتياجاتها بصورة دقيقة.

في ما يتعلق بمشاركة إثيوبيا، تعتبر المعطيات الحالية أن الصومال بحاجة إلى جهود دبلوماسية كبيرة لإبعاد إثيوبيا عن المشاركة في البعثة الجديدة، رغم كونها عضوًا فعّالًا في قوات حفظ السلام منذ سنوات. يُظهر تحليل الوضع أن مخاوف الصومال بشأن حاضر البلاد ووحدة أراضيها صحيحة، لكن إثيوبيا لا تزال توفر خبرات لا غنى عنها في سياق الأمن الإقليمي. هذا التداخل في المصالح يجعل من الصعبة تجاوز هذا التحدي، مما يستدعي تسوية قضايا السيادة في إطار مؤسسات مثل الاتحاد الأفريقي.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version