في ولاية بنسلفانيا، كان مطعم ماكدونالدز في فيسترفيل-تريفوس مغلقًا، لكن تجمع مئات الأشخاص خارج المطعم كان يشير إلى حدث خاص يجري بداخله. الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، استبدل زيه الرسمي بمئزر كبير وبدأ يعمل في المطبخ، حيث كان يقلي البطاطا ويضفي عليها الملح قبل تقديمها للعملاء. هذا المشهد لم يكن مجرد عرض لمهارات الطهي، بل كانت فرصة لترامب ليظهر نفسه كمرشح قريب من الطبقة العاملة، حيث استخدم مقارنة طريفة مع نائبة الرئيس كامالا هاريس التي عملت أيضًا في سلسلة وجبات سريعة.
الطبقة العاملة أصبحت جزءًا متزايد الأهمية من الناخبين الأمريكيين، خصوصًا مع تراجع الطبقة المتوسطة. في عام 2023، زادت نسبة الأفراد الذين يعتمدون على الدخل المنخفض، مما يجعلهم فئة مهمة في الانتخابات القادمة. وفي استطلاع للرأي أظهر أن ترامب يتمتع بشعبية كبيرة بينهم، حيث اعتبره 44% من هؤلاء الناخبين هو الرئيس الذي بذل مجهودًا أكبر من الآخرين لدعم أسرهم، مقارنةً بـ 12% فقط اختاروا بايدن. هذا يعكس كيف استطاع ترامب الاستفادة من مشاعر الإحباط والفقر بين هذه الطبقة.
يعتبر العديد من الخبراء أن صورة ترامب كرجل أعمال ناجح وثراءه هي التي جعلته يحظى بدعم الطبقة العاملة، رغم أنه نشأ في عائلة غنية. بفضل استراتيجياته في تسويق نفسه كأحد أفراد الطبقة العاملة، تمكن ترامب من بناء تحالف قوي مع هؤلاء الناخبين. ولكنه في الوقت نفسه واجه انتقادات بسبب عدم التزامه بمواقف تتعلق بزيادة الحد الأدنى للأجور، وهو ما كان من شأنه تحسين أوضاع العديد من العاملين في وظائف الوجبات السريعة.
على الجانب الآخر، تحاول كامالا هاريس كسب دعم الناخبين من الطبقة العاملة من خلال سياسات تهدف لتحسين ظروفهم مثل إعفاءات ضريبية ودعم للبرامج الاجتماعية. لكن جهودها لم تكن كافية، حيث واجهت صعوبات مقارنةً بترامب، بل لم تحصل حتى على تأييد بعض النقابات العمالية، مما يعكس استبعاد العديد من الناخبين لها بسبب انطباعات عن كونها تعود لطبقة النخبة.
تشير بعض الدراسات إلى أن الناخبين من الطبقة العاملة كثيرًا ما يرون أن الحزب الديمقراطي لا يلبي احتياجاتهم. بعد عقود من الاستبعاد، بات هؤلاء الناخبون يعتقدون أن التركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية خذلهم، حيث أدت العولمة إلى فقدان وظائفهم. وفي المقابل، نجح ترامب في توجيه خطاباته للطبقة العاملة، مدعما بنظريات تتعلق بوجود تلاعب في النظام الانتخابي ضدهم، وهو ما يزيد من تماسك قاعدته الشعبية.
التحديات التي تواجه هاريس تتعلق بمسألة التصور عن كونها جزء من الطبقة السياسية الثرية، ما جعل العديد من الناخبين من ذوي الدخل المنخفض ينأون بأنفسهم عنها. رغم محاولاتها للاستفادة من خلفيتها المعيشية، إلّا أن نمط حياتها الحالي، الذي يعكس فخامة الحياة في مجتمع راقٍ، يبقيها بعيدة عن التصور الشعبي لمرشحي الطبقة العاملة. والنتيجة هي فوارق ثقافية متزايدة بين هاريس وبين شريحة الناخبين الذين تأمل في كسب تأييدهم، مما يكرس الهوة بينها وبين جزء كبير من الناخبين.