اندلعت احتجاجات في عدة مدن تركية بعد قرار الحكومة بعزل رؤساء بلديات ماردين وباتمان وهالفتي، حيث اتُهِم هؤلاء بالتورط في أنشطة إرهابية. يبقى هذا القرار محل جدل واسع في البلاد، خاصة في سياق مبادرة المصالحة التي أطلقها زعيم حزب الحركة القومية. ووفقاً لبيان وزارة الداخلية، تم استبدال الرؤساء المعزولين بموظفين حكوميين لتولي مهامهم، مما أثار المزيد من الغضب في أوساط المعارضة. وقعت مواجهات بين المحتجين والشرطة، مما أدى إلى اعتقال العديد من المتظاهرين في ديار بكر وفان، في ظل تجمعات حاشدة في إسطنبول، خاصة أمام بلدية أسنيورت.

القرارات الأخيرة جاءت بعد اعتقال رئيس بلدية أسنيورت، أحمد أوزر، المتعلق بحزب الشعب الجمهوري، وهو أكبر حزب معارض. هذه الأحداث أسفرت عن انتقادات حادة في صفوف المعارضة التركية، حيث وصف عمدة ماردين المعزول، أحمد تورك، القرار بأنه استهداف شخصي، مشيراً إلى تكرار عملية عزله منذ عام 2016. في الوقت نفسه، اعتبر حزب المساواة الشعبية والديمقراطية أن هذه القرارات تمثل انقلاباً جديداً، مما يزيد من الإرباك السياسي الحالي في البلاد.

تجدر الإشارة إلى أن المعارضة غير متحدة فيما يخص هذه القرارات، حيث أيد بعض الأحزاب، مثل حزب الظفر، عزل الشخصيات المتورطة، مما يعكس اختلاف وجهات النظر. في الوقت نفسه، تصاعدت حدة النزاعات داخل المعارضة نفسها، حيث رفض عدد من الشخصيات المشاركة في الاحتجاجات. هذا الرافض يكشف عن وجود تباينات واضحة داخل صفوف المعارضة، مما يضعف موقفهم تضامناً ضد الحكومة.

الحكومة التركية بدت وكأنها تتبع استراتيجية وقائية في قرارات العزل، حيث تشير بعض الآراء إلى أنه تم مراقبة هؤلاء المسؤولين لجمع أدلة تدينهم. وفي هذا السياق، اتهم العديد من رؤساء البلديات بالعضوية في منظمات محظورة، وهو ما يدعم هذا التوجه الحكومي، الذي يسعى لضمان عدم تكرار سيناريو الفوضى، خاصة فيما يتعلق بالهجمات الإرهابية المحتملة التي قد تنفذها منظمات مثل حزب العمال الكردستاني.

في سياق متصل، فقد طرحت الحكومة مجموعة من الخيارات للتعامل مع المسألة الكردية، بما في ذلك الضغط على حزب “المساواة الشعبية والديمقراطية” لتقديم تنازلات. يتفق الباحثون على أن الحكومة تخشى من تفاقم الأوضاع في سوريا وتأثيراتها على الأمن الداخلي التركي. العديد من الخبراء يعتبرون أن هذه الضغوط لن تؤدي إلى نتائج إيجابية، بل قد تزيد من تعاطف الكرد مع حزب “المساواة الشعبية”.

في النهاية، يُظهر النقاش حول قرارات العزل والاحتجاجات الجارية في تركيا إلى أي مدى تساهم هذه الإجراءات في تعميق الانقسام الاجتماعي والسياسي، مما يستدعي ضرورة البحث عن طرق أكثر انفتاحاً للتعامل مع القضية الكردية، حيث يعتبر البعض أن الاستراتيجية الحالية قد تؤدي إلى تصعيد توترات جديدة بدلاً من تعزيز الاستقرار.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.