اتفق خبيران في الشأن الإسرائيلي على أن نظرية الردع الإستراتيجي الإسرائيلية تآكلت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث اشتعلت جبهات قطاع غزة وجنوب لبنان والبحر الأحمر، وصولاً إلى الهجوم الإيراني الأخير. وأكد الأكاديمي والخبير الإسرائيلي الدكتور محمود يزبك أن جميع الاستراتيجيات الطويلة الأمد التي استخدمتها إسرائيل قبل هذه الأحداث قد فشلت، حيث باتت القوة العسكرية التي تمتلكها إسرائيل غير قادرة على ترميم تآكل الردع.
وأوضح يزبك أن الاستنزاف الذي تعرضت له قوة الردع أثر بشكل كبير على المجتمع الإسرائيلي، حيث بادى الدهشة من احتجاز 250 إسرائيليا في قطاع غزة لفترة طويلة وبدأ الشعور بالخوف والفزع ينتشر بين الإسرائيليين، ما أدى في نهاية المطاف إلى إخلاء المستوطنات المحيطة بغزة والشمال. وأشار يزبك إلى أن القوة العسكرية الإسرائيلية فشلت في إعادة بناء الردع المتآكل، وأن الهجوم الإيراني الأخير زاد من حالة التوتر داخل المجتمع الإسرائيلي.
وعلق الخبير الإسرائيلي عريب الرنتاوي على تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن إيران، معتبرًا أن هذا التصريح يبدو أقرب إلى الأمنيات وليس له أساس واقعي أو حربي. وأكد الرنتاوي أن إسرائيل باتت تواجه تحديات كبيرة في مسار الحرب في غزة بعدما أضاعت فرصة الدخول إلى رفح جنوب القطاع، وأشار إلى أن الاعتماد السابق على القدرات العسكرية الذاتية قد تبدد بعد الأحداث الأخيرة.
وأضاف الرنتاوي أن إسرائيل باتت في حالة من الردع وليس القوة الرادعة، مشيرًا إلى عمليات حزب الله والحوثيين التي أدت إلى تغيير الوضع الأمني في المنطقة. وأشار الرنتاوي إلى أن الاعتماد السابق على الدعم الخارجي لضمان الأمن الإسرائيلي قد زاد بعد الأحداث الأخيرة، حيث لم تكن 90% من الهجمات الإيرانية في صالح إسرائيل، مما يعني أن الاعتماد على الدعم الخارجي أصبح ضروريًا لإسرائيل.
وبالنظر إلى التطورات الراهنة، يعتبر الرنتاوي أن جميع الخيارات التي تعتمدها إسرائيل للرد على إيران تعقيدة وستزيد من تآكل الردع الإسرائيلي. وأكد أن إيران قد تحقق نقاط إذا لم تتحرك إسرائيل، وأن إيران تعهدت بالرد على أي هجوم إسرائيلي حتى لو كان محدودًا، مما يشير إلى إنشاء معادلة جديدة للردع. وختم الرنتاوي بتحذير من أن أي ضربة شديدة من إسرائيل لإيران قد تؤدي إلى حرب إقليمية واسعة، ودعا الولايات المتحدة إلى تقديم مبادرة سياسية لوقف التصعيد والحفاظ على السلام في المنطقة.