في مشهد مأساوي يعكس حجم المعاناة والنضال في قطاع غزة، يظهر أحد مقاتلي كتائب القسام وهو يخاطر بحياته لزرع عبوة ناسفة، محاطًا بأصوات الطائرات الإسرائيلية. يُعتبر هذا العمل جزءًا من صراع ضارٍ أطلقه جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل 26 يومًا في مخيم جباليا، وهو ثالث اجتياح للمخيم منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023. القصف العنيف الذي أدى إلى استشهاد نحو ألف فلسطيني وتدمير أحياء سكنية، أكد على فظاعة الوضع الإنساني، حيث تم تهجير عشرات الآلاف من السكان إلى مناطق أكثر أمانًا.

على الرغم من صغر مساحة مخيم جباليا (1.5 كيلومتر مربع)، إلا أن قوات الاحتلال استقدمت تعزيزات ضخمة، ضامنة ما يقارب 50 ألف جندي بالإضافة إلى الدعم الجوي والمدفعي. اعتمدت القوات المحتلة في عملياتها على أسلوب “الأرض المحروقة”، محاولين القضاء على المقاومة الفلسطينية من خلال القصف العشوائي وتدمير المباني، في إطار خطة عسكرية استراتيجية تهدف إلى تهجير السكان وتحويل المنطقة إلى منطقة آمنة. هذا الأمر قوبل بمقاومة عنيدة من قبل كتائب القسام، التي اتبعت استراتيجية “اللامركزية” لتنظيم عملياتها، حيث قام المقاتلون بتشكيل خلايا صغيرة لتنفيذ المهام بشكل أكثر فعالية.

تمكنت المقاومة من إلحاق خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي، بما في ذلك تدمير عشرات الدبابات، بالإضافة إلى اغتيال قائد اللواء 401 في الجيش الإسرائيلي، مما يعكس نجاح المقاومة في تنفيذ عمليات نوعية رغم المحاصرة. ومع تصاعد التوتر والصراع، اضطرت القوات الإسرائيلية إلى سحب بعض وحداتها من جباليا، مما يُظهر درجة الضغط الذي تعرضت له أثناء المعركة.

من منظور استراتيجي، ترى التحليلات أن المعركة في جباليا ليست مجرد معركة محلية، بل تحمل طابعًا مصيريًا لكلا الطرفين. إذ أن نجاح إسرائيل في السيطرة على شمال غزة سيعني عزل ثلث مساحة القطاع، وهو ما سيمكن الاحتلال من الحد من وجود المقاومة. في المقابل، يُظهر الفلسطينيون إصرارهم على المقاومة والقتال، مُعبرين عن تمسكهم بحقوقهم وأرضهم رغم كل الظروف الصعبة.

الخبراء العسكريون يرون أن القتال في جباليا قد يستمر لعدة أشهر، نظراً لأهمية المخيم كمعقل للمقاومة. هذه المعركة تمثل أيضًا نقطة انطلاق لخطط تهجير أوسع تهدف إلى تصفية أي وجود فلسطيني في المناطق الشمالية. ومع دخول قوات الاحتلال في معركة استنزاف، يبقى التساؤل حول قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود ومواجهة الاحتجاجات.

في النهاية، يمثل الوضع في مخيم جباليا رمزًا للصمود والمقاومة الفلسطينية، حيث يواجه الأهالي المجازر والتجويع بكل شجاعة وكرامة. إن هذه المعركة ليست فقط على الأرض، بل هي أيضًا على الوجود والبقاء، حيث يراهن الفلسطينيون على قوتهم في مواجهة عدوان الاحتلال، مما يجعل الصراع في هذا المخيم جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل حريته واستقلاله.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version