تتسارع وتيرة حملة الانفتاح السياسي الداخلي التي أطلقها دولت بهتشلي، زعيم حزب الحركة القومية، الحليف للرئيس رجب طيب أردوغان، والتي بدأت بمصافحة بهتشلي لأعضاء حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، المتهم بصلاته بحزب العمال الكردستاني. وفي خطابه أمام الكتلة البرلمانية لحزبه، أعلن بهتشلي عن إمكانية حضور زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، عبدالله أوجلان، إلى البرلمان بعد إنهاء عزله. ومن المتوقع أن يُعلن أوجلان إنهاء “الإرهاب” في تركيا وحلّ الحزب، مقابل خطوات تُكسبه “الحق في الأمل”، مما يتيح له فرصة محتملة للعودة إلى المجتمع بعد قضاء فترة من عقوبته في السجن مدى الحياة.

مصطلح “الحق في الأمل” هو مفهوم يشير إلى منح المحكوم عليه بالسجن المؤبد فرصة للعودة إلى المجتمع، ويعكس بديلًا لعقوبة الإعدام. ينطبق هذا المفهوم على أوجلان الذي يقضي عقوبته في جزيرة “إمرالي” منذ عام 1999، حيث تم تخفيف حكم الإعدام بحقه إلى السجن المؤبد. وقد أكد أردوغان على أهمية الاستفادة من هذه الفرصة لحل القضية الكردية بالتعاون مع بهتشلي، مما يعكس تحولًا في الموقف الرسمي تجاه القضية الكردية في تركيا.

أعربت الزعيمة المشاركة لحزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، تولاي حاتم أغولاري، عن تأييدها لهذه التصريحات، مطالبة بإسقاط الحكم على أوجلان فورًا. وفي خطوة تعكس أهمية هذه المبادرة، تلقى أوجلان زيارة عائلية بعد انقطاع دام نحو 43 شهرًا. وأضاف عمر أوجلان، ابن شقيقه، أنه مستعد لتحويل الوضع من الصراع إلى الحوار إذا توفرت الظروف الملائمة. تأتي هذه الخطوات وسط توقّعات بحصول تغيير جذري في تعامل الحكومة مع القضية الكردية.

ومع ذلك، أثارت مبادرة بهتشلي معارضة قوية، حيث انتقدها بعض أحزاب المعارضة بشدة. رئيس حزب الجيد، مساوات درويش أوغلو، استخدم رمزية حبل الإعدام في انتقاد بهتشلي، معتبرًا أنه يسعى لتحقيق أهداف سياسية أوسع، خاصة في الوقت الذي يواجه فيه أردوغان تحديات انتخابية. كما اتهم رئيس حزب النصر القومي، أوميت أوزداغ، حكومتي الحزب القومي والعدالة والتنمية بتشكيل جبهة غير رسمية مع حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب، مشيرًا إلى أن هذه الديناميكيات الداخلية تفاقم المشهد السياسي.

وأوضح الباحث محمود علوش أن هذه المبادرة تعكس تغييرات داخلية جديدة، وتتأثر بعوامل خارجية متعددة، بما في ذلك الظروف السياسية الإقليمية والدولية. كما يرى الصحفي أحمد حسن أن موقف بهتشلي قد يشير إلى موقف الدولة التركية ككل، مشيرًا إلى التهديدات التي تواجه تركيا والتي قد تلزمها بإعادة النظر في تعاملها مع الأكراد. في هذا السياق، قد تكون هذه المبادرة من قبل بهتشلي دافعة نحو توازن سياسي أكبر في الوقت الذي تنظر فيه مختلف الأطراف بجميع الأحزاب التركية إلى الوضع الأمني والاقتصادي المتباطئ.

وفي استعراض للتحولات الحالية، يعتقد علوش أن حالة حزب العمال الكردستاني اليوم هي الأضعف مقارنة بالفترات السابقة، مما قد يُعطي الحكومة التركية فرصة لتحقيق تقدم في مسار السلام. لكن تبقى فرص نجاح هذه المبادرة مرهونة بتوفير ظروف محلية ودولية مواتية، وهو ما يتطلب وقتًا وجهودًا متواصلة. في هذا الاتجاه، قد تكون الأشهر القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت المناقشات علنية ستحقق تقدمًا أم ستبقى محكومة بالصراعات السياسية والإجراءات الأمنية المتصاعدة.

في النهاية، يُعكس قرار بهتشلي وجبهة التحالف الحاكم شجاعة سياسية واضحة، كما يتطلب نجاح هذه المبادرات وجود أرضية مناسبة لدى الأحزاب التركية والمجتمع. إذ يُعتبر أي انفراج سياسي في التعامل مع القضية الكردية مؤامرة استراتيجية طويلة الأمد، تتجاوز الجوانب الحزبية التقليدية. وعلى ضوء الأحداث الحالية، من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوات إلى تغييرات أكبر في المستقبل القريب.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version