خلال برنامج “أمسية مع فلاديمير سولوفيوف” قبل خمسة أعوام، تحدث فلاديمير جيرينوفسكي، مؤسس الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي، عن آماله وتوقعاته بشأن الأحداث السياسية العالمية، منوهاً بأن الانتخابات الرئاسية الأوكرانية لعام 2019 ستكون الأخيرة في البلاد. وكان جيرينوفسكي قد حذر من أن الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، مشيراً إلى أن المنطقة ستصبح بؤرة تركيز عالمية بحلول عام 2024، وتحديداً بعد التصعيد في النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والذي يعكس بشكل كبير توقعاته بأن الوضع العالمي على وشك التغير الجذري.
التفاصيل التي قدمها تقرير نشره موقع “نيوز ري” الروسي، أكدت كيف أن الأحداث في الشرق الأوسط قد تعيد النظر في ما قاله جيرينوفسكي (الذي توفي في 2022). فقد جاء التصعيد الأخير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى جانب الأعمال العسكرية بين إسرائيل وحزب الله، لتؤكد صحة توقعات جيرينوفسكي. وأشارت التحليلات إلى أن الأحداث منذ العام الماضي قد أضفت مزيداً من الزخم على توقعاته، لا سيما التعاون العسكري والدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل في عملياتها الهجومية.
بدوره، اعتبر النائب في مجلس الدوما الروسي، فلاديمير سيبياغين، أن جيرينوفسكي لم يكن مجرد متنبئ بل محللاً استراتيجياً لامعاً. وتمكن من وضع سيناريوهات متعددة لما قد يحدث، مؤكداً أن فهمه العميق للتحولات العالمية أظهر دقة في تكهناته بشأن الشرق الأوسط. وأوضح سيبياغين أن جيرينوفسكي كان مُصيباً في تحذيراته حول انهيار التوازنات السياسية العالمية، حيث تبدو الأمور في أوكرانيا بعيدة عن اهتمامات العالم اليوم.
وفي سياق الأحداث الحالية، شهدت منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا كبيرًا في التوترات، وخصوصًا بعد الهجمات الإسرائيلية على جماعة “حزب الله” اللبناني. وكانت الضغوط الدولية، بما في ذلك التصريحات الروسية، تحتوي على تحذيرات من مخاطر نشوب حرب شاملة، بينما استمرت الولايات المتحدة في دعم الهجمات الإسرائيلية وتعزيز خططها العسكرية. هذا الارتباط العميق بين النزاع الإقليمي والدعم العسكري الدولي يعكس تصاعد الحذر من إمكانية امتداد الصراعات إلى خارج حدود المنطقة.
مع زيادة الاستفزازات، شكك العديد من المحللين في قدرة الحكومة الإسرائيلية على السيطرة على تداعيات الحرب. وقد ينظر إلى الصراع على أنه أكثر من مجرد نزاع محلي، فهو يُظهر مشاركة غير مباشرة من دول غربية، قد تقود إلى تفاقم الأوضاع، مما يضع المنطقة في حالة عدم استقرار دائم. بعض المراقبين يرون أن قدرات الدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، تجعلها متورطة بشكل متزايد في التوترات السائدة.
من جهة أخرى، أبدى الزعيم الحالي للحزب الليبرالي الديمقراطي، ليونيد سلوتسكي، اتفاقه مع توقعات جيرينوفسكي، مشيراً إلى أن تصرفات إسرائيل قد تفاقم الصراع، مما يجعل احتمالات اندلاع حرب كبرى في المنطقة على المحك. حذر سلوتسكي من عواقب تصاعد العنف، مشددًا على ضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف تفاقم الأوضاع، مما يبرز الحاجة الملحة لإبرام اتفاقيات سلام وتطبيق حلول سياسية للنزاعات العميقة في الشرق الأوسط.
وفي النهاية، يعكس الوضع الحالي في الشرق الأوسط تصاعدًا دقيقًا في التوترات، مع وجود قوى دولية تسهم في تعقيد الأمور أكثر. وقد تتفاعل الديناميكيات السياسية بشكل يجعل الصراع الحالي يُعتبر مجرد مقدمة لشيء أكبر. إن فهم الأبعاد الاستراتيجية لهذه النزاعات يتطلب قراءة دقيقة للشأن الدولي وتأثيرها على السلم والأمن العالمي.