واشنطن – مثّل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اتفاق مع جماعة الحوثيين دون استشارة إسرائيل، وما تبعه من تأكيد السفير الأميركي في تل أبيب أن بلاده “لا تحتاج إذنا من أحد”، دليلا على توتر العلاقة بشكل غير مسبوق ربما بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وغضب الأخيرة لا سيما بعد تعرضها لهجمات صاروخية من اليمن في الأيام الماضية.

وأفادت تقارير إسرائيلية بأن إدارة ترامب تراقب كيف يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرقلة الجهود الأميركية في ملفات إيران واليمن وقطاع غزة، في حين يعبّر البيت الأبيض عن نفاد صبره تجاه حكومة إسرائيل، وفقا لهذه التقارير.

وقبل أيام من زيارة الرئيس ترامب إلى ثلاث دول عربية، هي السعودية وقطر والإمارات، أشار خبراء تحدثت إليهم الجزيرة نت إلى أن ترامب لا يريد أن يعكّر نتنياهو صفو العلاقات الجيدة التي تجمعه بقادة هذه الدول باستمرار عدوانه على قطاع غزة ورفضه إدخال المساعدات والغذاء لأكثر من مليوني فلسطيني.

حقيقي أم تكتيكي؟

رغم الضجيج الإعلامي، يخفف مدير الأبحاث في مركز ديمقراطية الشرق الأوسط سيث بايندر من وطأة التقارير التي تتحدث عن خلافات بين نتنياهو وترامب. ويقول “لا أعتقد بوجود أي صدع حقيقي من شأنه أن يؤدي إلى تغييرات كبيرة في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل”.

ويرى في حديث للجزيرة نت أن “كل إدارة أميركية مرت، بما في ذلك إدارة ترامب الأولى، بلحظات من الخلافات، وفي نهاية المطاف استمرت الولايات المتحدة في تقديم دعم شبه غير مشروط بغض النظر عن الظروف. ترامب متقلب بشدة، لكن إحدى القضايا القليلة التي ظل ثابتا بشأنها هي دعمه لإسرائيل”.

في حين اعتبر خبير شؤون الشرق الأوسط بالجامعة الأميركية بواشنطن غريغوي أفتانديليان أن “العلاقة بين ترامب نتنياهو لا تزال وثيقة لكنهما يختلفان بشأن إيران؛ إذ لا يريد نتنياهو أي اتفاق نووي أميركي مع إيران، في حين يريد ترامب بشدة هذا الاتفاق، لذا يشعر نتنياهو بالإحباط لأنه لا يستطيع تغيير رأي ترامب”.

أما مبعث التوتر المحتمل الآخر فهو الصفقة الأميركية مع الحوثيين كما يقول أفتانديليان؛ فبينما وافق الحوثيون على عدم مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر، لم يقرروا الامتناع عن مهاجمة إسرائيل.

من جانبه، قال السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط والخبير بالمجلس الأطلسي بواشنطن، في حديث للجزيرة نت إن “هناك خلافات بين نتنياهو وترامب على أساس شخصي بحت، فهما لا يحبان بعضهما بعضا، لكنهما يدركان العيوب السياسية لإظهار ذلك بطرق علنية مما من شأنه أن تقوّض دعمهما الداخلي للمواقف المتشددة التي اتخذاها بشأن غزة والضفة الغربية”.

إحباط متبادل

تقول خبيرة الشؤون الخارجية أسال راد إنه “وفقا للتقارير، خاصة في وسائل الإعلام الإسرائيلية، كان هناك إحباط لدى الجانبين. ومن المحتمل أن يكون نتنياهو غير راض عن محادثات إدارة ترامب الجارية مع إيران وموقفها المتذبذب بشأن قدرة طهران على التخصيب في إطار اتفاق دبلوماسي من شأنه أن يمنع التسلح النووي”.

بالإضافة إلى ذلك، تضيف راد للجزيرة نت، وافقت الولايات المتحدة على هدنة مع الحوثيين دون علم إسرائيل. على الجانب الآخر، يبدو الرئيس ترامب محبطا بسبب عدم رغبة نتنياهو في إنهاء الحرب على غزة ودفعه لتنفيذ ضربات عسكرية على إيران، على حد قولها.

من جهته، أشار السفير ماك إلى أن هناك علامات متزايدة على الاستياء في أميركا وإسرائيل تجاه سياسات ترامب ونتنياهو؛ ففي الولايات المتحدة يشعر بعض قادة الحزب الجمهوري الأكثر تقليدية ومستشاري السياسة الخارجية لترامب بالقلق إزاء مواقف نتنياهو من تقويض رحلة الرئيس إلى دول الخليج بعد أيام.

وعلى الجانب الآخر، قال ماك “بالنسبة لإسرائيل، هناك تعاطف شعبي متزايد مع عائلات المحتجزين لدى حركة حماس، إضافة لجثث الرهائن الذين لقوا حتفهم”. علاوة على ذلك، هناك معارضة متزايدة بين الإسرائيليين الذين يتعين عليهم الانضمام إلى الجيش.

ويتشارك في هذه المعارضة العديد من المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الإسرائيليين، فضلا عن كبار المفكرين الإسرائيليين الذين يمكنهم الوصول إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، و”هذا يعمّق من حجم الاستياء الداخلي ضد نتنياهو”، حسب تعبير ماك.

إلغاء زيارة وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث لتل أبيب أضافت المزيد من الزخم لرواية التوتر بين الجانبين (الأوروبية)

زيارة هيغسيث

وعن إلغاء رحلة وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث لإسرائيل، قالت الخبيرة إنها تأجلت بعد أن طُلب منه الانضمام إلى الرئيس ترامب في رحلته القادمة إلى المنطقة، والتي لا تشمل التوقف في إسرائيل. وقلل البنتاغون من أهمية أي حديث عن خلاف محتمل بين الحليفين، مشيرا إلى أن الوزير سيزور إسرائيل قريبا.

في حين اعتبر غريغوري أفتانديليان عدم زيارة وزير الدفاع الأميركي لإسرائيل “انعكاسا لحقيقة أنه لا يريد التطرق للصفقة الأميركية مع الحوثيين”.

أما الخبير سيث بايندر فيرى أن إلغاء رحلة هيغسيث المخطط لها إلى إسرائيل لا يعكس تغيرا كبيرا، وقال للجزيرة نت “لا أعتقد أنها قضية رئيسية. السياسة الأميركية ليست مدفوعة من قبل وزارة الدفاع، ولكن يقودها البيت الأبيض ومستشارون مثل ستيفن ويتكوف”.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.