في مقالٍ مثير للنقاش نشرته صحيفة “معاريف”، يطرح المحامي والكاتب الإسرائيلي أورين لين سؤالًا عن حقيقة الديمقراطية في إسرائيل، داعيًا قراءه للتفكير العميق في هذا المفهوم بدلًا من الاكتفاء بإجابات سطحية. لين يشير إلى أن هناك أكثر من مجرد إجراء الانتخابات لتفعيل الديمقراطية، موضحًا أن التصويت ليس كافيًا وأن الديمقراطية الحقيقية تستند إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي يجب أن نتقيد بها. وبذلك، يحث الجمهور على إعادة تقييم الفخر الذي يشعرون به تجاه الهوية الديمقراطية لإسرائيل، معتبرًا أن هذا الفخر ينبغي أن يكون محركًا للمسؤولية والتغيير.
يؤكد لين أن الانتخابات ليست نهاية المطاف في المسار الديمقراطي، بل هي فقط بداية. فهو يرى أن إدخال منتخبين إلى الكنيست لا يعني تسليم السلطة المطلقة لهم، بل يشدد على أن دوره هو توجيه الحكومة بصرامة مع الحفاظ على مسؤولية المجتمع تجاه ما يتم اتخاذه من قرارات. ويعبر عن قلقه من أن تكون الديمقراطية الإسرائيلية محاطة بالعديد من التحديات التي تهدد قيمها الأساسية، مما يستدعي التفكير في كيفية الحفاظ عليها بطريقة فعّالة وجادة.
يسلط لين الضوء على خمسة مبادئ رئيسية تشكل أساس الديمقراطية، بدءًا من المساواة الكاملة أمام القانون، والتي تتجلى في كيفية تعامل الدولة مع مواطنيها. فهو يشير إلى وجود تباين واضح بين القوانين التي تُطبق على الإسرائيليين العلمانيين وتلك التي تُطبق على المتدينين الأرثوذكس، مما يعكس تمييزًا قانونيًا يستدعي الإصلاح. كذلك، يعبر عن قلقه بشأن تأثيرات السياسة على عمل الشرطة، موضحًا ضرورة أن تكون الشرطة تحت سيطرة القانون فقط، وليس لتحقيق أجندات سياسية معينة.
المبدأ الثالث يتناول الحقوق الأساسية لكل فرد، بما في ذلك الحق في الحياة والحرية والكرامة، بالإضافة إلى حرية التعبير والتجمع. لين يؤكد أن تمتع كل فرد بهذه الحقوق هو جزء لا يتجزأ من أي نظام ديمقراطي سليم، مشيرًا إلى أهمية عدم انتهاك حقوق الأقليات، خاصة الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، الأمر الذي يستلزم من الحكومة اتخاذ خطوات فعلية لتحقيق المساواة والعدالة.
ينتقل لين للحديث عن حرية العبادة، مشددًا على أنه لا ينبغي للدولة فرض قوانين دينية على المواطنين. كما يشير إلى ضرورة حيادية الدولة في ما يخص الدين، مما يعني عدم دعم المؤسسات الدينية على حساب حقوق الأفراد. هذا النداء يعكس حالة التوتر المتزايدة بين الأمور الدينية والسياسية في المجتمع الإسرائيلي.
في ختام مقاله، يدعو لين قراءه لتقييم ما إذا كانت القيم والمبادئ التي أشار إليها متواجدة في الساحة الإسرائيلية فعليًا. فهو يحثهم على المساءلة الذاتية، وفي حال اكتشافهم أن هناك فشلًا في تحقيق هذه القيم، فإن من يؤمنون بالديمقراطية ينبغي عليهم اتخاذ خطوات فعّالة للتصحيح. هذه الدعوة تمثل نوعًا من النضال من أجل ديمقراطية حقيقية في إسرائيل، تصلح بقدر الإمكان المعايير التي يجب أن يقوم عليها أي نظام ديمقراطي.