واشنطن- عارضت شخصيات بارزة من داخل التيار اليميني في الحزب الجمهوري (من أشد أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولاء) مشروع قانون رقم 867 أمام مجلس النواب، والذي يختص بتوسيع دائرة العقوبات على الداعمين لمقاطعة منتجات إسرائيل، لتشمل المنظمات الدولية.

واضطر النائب جوش غوتهايمر، وهو ديمقراطي من ولاية نيوجيرسي، إلى سحب مشروع القرار بعدما تم إلغاء التصويت المقرر عليه أول أمس الاثنين.

وينتقد معارضو مشروع القانون التشريعَ باعتباره يتعارض مع حق حرية التعبير المكفول في التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، بينما يقول مؤيدوه إنه يستهدف “الأفعال المعادية للسامية” على حد وصفهم، بما في ذلك مقاطعة إسرائيل.

وتسعى حركة “بي دي إس” إلى كشف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وفضح عنصريته، وإلى وقف كافة أشكال التطبيع معه، وتدعو إلى مقاطعة الشركات التي تدعم إسرائيل.

عقوبات مغلظة

تبنى تقديم المشروع النائبان غوتهايمر والجمهوري مايك لولر من نيويورك. ويهدف إلى توسيع العقوبات المدنية وفرض غرامات جنائية تصل إلى مليون دولار والسجن لمدة تصل إلى 20 عاما لمن يدعم دعوات مقاطعة إسرائيل.

وجاء مشروع القرار في ظل استمرار حركة الاحتجاجات ضد إسرائيل بسبب عدوانها على قطاع غزة، خاصة في الجامعات الأميركية، والتي لم تتوقف منذ اندلاعها في أبريل/نيسان العام الماضي.

وقد قسمت الاحتجاجات ضد إسرائيل أعضاء الكونغرس بين فئة تراها حقا دستوريا أميركيا لا يجب المساس به، وفريق آخر يعتبرها حركة معادية للسامية ومهددة للطلاب اليهود.

وغرَّدت آنا بولينا لونا، النائبة الجمهورية الداعمة لترامب، على منصة إكس تقول إن “مشروع القانون يهدف للحد من معاداة السامية، لكنه يهدد حقوق التعديل الدستوري الأول. وللأميركيين الحق في المقاطعة، والمعاقبة على ذلك تهدد حرية التعبير، أنا أرفض معاداة السامية وأدينها بشدة، ولكن لا يمكنني انتهاك التعديل الأول”.

وعارض المؤثر المحافظ تشارلي كيرك التشريع، مدعيا أنه “سيجرم المقاطعة الخاصة لإسرائيل، ولن يؤدي إلا المزيد من معاداة السامية، ولعب دور في الروايات المتنامية بأن إسرائيل تدير الحكومة الأميركية”.

في حين قالت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، في تغريدة لها على منصة إكس “سأصوت بلا، إن وظيفتي هي الدفاع عن حقوق الأميركيين في شراء أو مقاطعة من يختارونه دون أن تفرض عليهم الحكومة غرامات قاسية أو تسجنهم، لكن ما لا أفهمه هو لماذا نصوِّت على مشروع قانون نيابة عن دول أخرى وليس الأوامر التنفيذية للرئيس التي تخص بلدنا؟”.

ومن جانبها، عبَّرت منظمة أيباك، أكبر منظمات اللوبي اليهودي الأميركية، في بيان سابق لها عن دعمها لمشروع القرار. وقالت إنها تدعم بقوة قانون مناهضة المقاطعة الذي يؤكد أن الولايات المتحدة لن تؤيد المقاطعة التي حرَّضت عليها الأمم المتحدة “ضد حليفتنا إسرائيل”.

تطويع القانون

ويعد نجاح التيار اليميني واليساري في مواجهة التشريع مجرد مثال على كيفية تعبئة الجهات الفاعلة على الهامش السياسي لإحباط التشريعات ومشاريع القوانين المؤيدة لإسرائيل، بدعوى مكافحة معاداة السامية التي تتمتع بصورة عامة بدعم من الحزبين.

وقد عمل اللوبي اليهودي على توسيع القوانين الحالية المناهضة للمقاطعة التي تم إقرارها لأول مرة في السبعينيات، واستهدفت في المقام الأول مواجهة لمقاطعة جامعة الدول العربية لإسرائيل، وتم تمرير قيود إضافية لتصبح قانونا جديدا عام 2018 خلال فترة حكم ترامب الأولى.

ويفرض القانون الحالي عقوبات على الشركات أو الأفراد الذين يمتثلون أو يسهِّلون المقاطعة الأجنبية الإجبارية لحلفاء أميركا كشرط لممارسة الأعمال التجارية في البلدان الأجنبية.

وكان دعم الحزبين للتشريع المماثل العام الماضي قويا، لدرجة أن مجلس النواب أقرَّه في فبراير/شباط العام الماضي بأغلبية كبيرة بعدما تمت الموافقة عليه أواخر عام 2023 داخل لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب بأغلبية 42 صوتا مقابل 3 أصوات، لكن الأمر تغيَّر هذا العام.

وردا على سؤال عن سبب سحب مشروع القانون، وما إذا كان ستتم إعادته في وقت لاحق؟ قال متحدث باسم زعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيف سكاليس لموقع جويش إنسيدر: إن هناك مشكلات غير محددة في التشريع لكن الجمهوريين سيعملون من خلالها، حسب قوله.

مكافحة المقاطعة

وقد تبنت أكثر من 30 ولاية أميركية قوانين تضيق الخناق على حركة مقاطعة إسرائيل، إلا أنه لا يوجد قانون مماثل على المستوى الفدرالي.

وتتخذ معظم القوانين المناهضة لحركة مقاطعة إسرائيل أحد شكلين:

  • القوانين التي تركز على العقود، وتتطلب من المتعاقدين الحكوميين التعهد بعدم مقاطعة إسرائيل.
  • قوانين تركز على الاستثمار، وتفرض على صناديق الاستثمار العامة تجنب مقاطعة الكيانات لإسرائيل.

وبشكل منفصل، نظر الكونغرس في الكثير من التشريعات المناهضة لحركة مقاطعة إسرائيل، وأقرَّ مجلس الشيوخ مشروع قانون يحتوي على أحكام مناهضة للمقاطعة في 28 يناير/كانون ثاني 2019، بأغلبية 74 صوتا مقابل 19 صوتا.

كما أصدر مجلس النواب قرارا يدين مقاطعة إسرائيل في 24 يوليو/تموز 2019، بأغلبية 398 صوتا مقابل 17 صوتا، ورغم ذلك لم تنجح جهود اللوبي اليهودي في تجريم مقاطعة المواطنين الأميركيين للمنتجات والخدمات الإسرائيلية.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version