في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها تركيا، يعتبر التسرب المدرسي من أبرز التحديات التي تواجه النظام التعليمي، كما يوضح الشاب يونس أمره كرال، الذي ترك المدرسة في سن مبكرة نتيجة الأزمات المالية التي عانت منها أسرته. يصف يونس كيف عمل في عدة وظائف لتوفير لقمة العيش، حيث ارتبط حلمه بالموسيقى بالتحديات اليومية التي واجهها. يبرز يونس أهمية التعليم في حياته ويعبر عن رغبته في العودة إلى الدراسة، حيث يسعى لتحقيق أحلامه من خلال التعليم عن بُعد.

من جهة أخرى، تُظهر حالة طوبى، الفتاة البالغة من العمر 19 عامًا، الجوانب الإنسانية المترتبة على التسرب المدرسي. حيث اضطرت هي وشقيقاتها لمغادرة المدرسة للمساعدة في تحسين الأوضاع المالية لعائلتها نتيجة فقدان والدها لوظيفته. رغم صدوع أحلامها، تظل طوبى متمسكة برغبتها في إكمال التعليم والالتحاق بالجامعة. تبرز القصة كيف أن الظروف العائلية والضغوط الاقتصادية تكبد الفتيات في المناطق المتأثرة أعباءً ثقيلة، مما يؤكد الحاجة إلى دعم الأهل والمجتمع.

من ناحية إحصائية، يكشف بحث حول التعليم في تركيا عن تزايد عدد الأطفال خارج المدرسة بنسبة 38.4% خلال العام الدراسي 2023-2024، مع تسجيل 612 ألف طفل خارج نطاق التعليم. يوضح التقرير أن التسرب ينتشر بشكل أكبر في المرحلة الثانوية، حيث تمثل الفئة العمرية من 14 إلى 17 عاماً النسبة الأكبر من التسرب، مما يستدعي الانتباه إلى ضرورة إيجاد حلول فعّالة لمواجهة هذه الظاهرة.

الجهود المبذولة من قبل وزارة التربية في تركيا تهدف إلى التقليل من ظاهرة التسرب، حيث تشير عائشة قمشلي، مساعدة مدير إحدى المدارس، إلى الخطط السنوية التي تعتمدها الوزارة لتقليل مستويات الغياب. تتضمن هذه الخطط تشكيل لجان للبحث في أسباب الغياب، وتقديم الدعم المالي للأسر الأكثر حاجة. يبرز هذا الدعم كخطوة إيجابية تساهم في الاستجابة لحاجات الطلاب وتحقيق استدامة التعليم.

لكن التحديات ما زالت مستمرة، وضغط سوق العمل ووسائل التواصل الاجتماعي يعززان من هذه المشكلات بشكل متزايد. الصحفية زهراء كرمان تشير إلى أن الأسر ذات الدخل المنخفض تواجه عوائق في إدراك أهمية التعليم، مما يدفع أطفالها للعمل بدلاً من دراسة. فقد ساهمت الأرقام العالية للتسرب في تعزيز الرؤية الحالية نحو التوجه نحو التعليم المهني، حيث يتم إنشاء مراكز تدريب مهني جديدة، تقدم تدريبًا في مجالات متعددة مع إمكانية إدماج الطلاب في سوق العمل بشكل أسرع.

جاء التوجه نحو التعليم المهني كاستجابة ضرورية لشغل الفراغ الناتج عن تسرب الطلاب، إذ توفر هذه المراكز فرصًا للتواصل بين التعليم وسوق العمل، مما يعطي سريعًا أبناء الأسر الضعيفة فرصًا للحصول على تعليم يمكن أن يحسن حياتهم. كما أن نمط التعليم المفتوح شهد زيادة في الشغف لدى الطلاب الذين يرغبون في أكمال تعليمهم بعيدًا عن القيود التقليدية، ويبقى السؤال حول كيفية دمج هذه الفئات في النظام التعليمي بشكل فعال لتحقيق مستقبل أفضل للجميع.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.