على الرغم من التهديدات الإسرائيلية المتكررة بقطع كل يد قد تطال أمنها القومي، وتأكيدا لوضع خطط للرد الفوري على أي هجوم إيراني، يدخل الرد الإسرائيلي المرتقب أسبوعه الثالث بعد هجوم طهران الصاروخي، مما يثير تساؤلات في الرأي العام الإيراني حول أسباب هذا التأجيل. على الرغم من أن المسؤولين الإسرائيليين أدلوا بتصريحات عن استهداف المنشآت النووية الإيرانية، أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة الإسرائيلية الـ14 أن 54% من الإسرائيليين يؤيدون هذا الاستهداف، لكن هذه الخطط واجهت معارضة من واشنطن، مما اضطر تل أبيب لتقليص خياراتها وتحديد الأهداف العسكرية فقط تجنبا لتصعيد لا تحمد عقباه.

وفي تحليل عسكري، يرى العقيد المتقاعد في الحرس الثوري محمد رضا محمدي أن إسرائيل كانت قد قررت الرد قبل اغتيال القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية، مشيرا إلى الفجوة بين الرغبات الإسرائيلية والقيود الإقليمية والدولية التي تواجهها. وأوضح أن التصعيد العسكري ضد المنشآت النفطية والطاقة تعثر نتيجة عدم دعم دولي، مما جعل خيارات إسرائيل تتقلص إلى ضرب أهداف عسكرية فقط. كما أشار إلى قدرة إيران على إلحاق الأذى بالمنظومات الدفاعية الإسرائيلية، مما يضاعف التفكير في العواقب قبل اتخاذ القرار بشن هجوم.

محمدي أكد أن تأجيل الرد الإسرائيلي يعتمد أيضا على وصول نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي “ثاد” إلى المنطقة، وكذلك الحاجة لتعويض المنظومات الدفاعية المتضررة نتيجة الهجوم الإيراني. هذا بالإضافة إلى التحديات اللوجستية المرتبطة بتزويد المقاتلات الأمريكية بالوقود جوا، مما يضع قيودا إضافية على إمكانية شن هجوم إسرائيلي وشيك. ومع تزايد قوة الدفاعات الجوية الإيرانية وصواريخها العابرة للقارات، يزداد منسوب الحذر لدى الولايات المتحدة فيما يتصل بفتح جبهة جديدة ضد إيران.

من جانب آخر، يتناول الباحث السياسي صلاح الدين خديو التأثيرات السياسية التي تكتنف هذا الموقف. ويرى أن الهجوم الإسرائيلي الكبير على إيران يتطلب توجيه ضوء أخضر من الولايات المتحدة، كما أن عدم الثقة في جدوى الخطط الإسرائيلية قد يكون سببا في التأجيل. لا يستبعد خديو أن تكون إسرائيل معنية بإرهاق القوات المسلحة الإيرانية، في ظل الضغوط الغربية والإقليمية لعدم تفاقم الوضع. كما يعتبر أن الاقتراب من الانتخابات الأمريكية يلعب دورا في توجهات الإدارة الأمريكية ومدى دعمها لإسرائيل.

واشنطن، وفقًا لخديو، استطاعت إحباط بعض الأهداف الإيرانية من الخطط الإسرائيلية، مما يثير مخاوفه من مؤامرات دولية تستهدف إيران، والتي قد تقود إلى تشكيل تحالف موسع. كما أشار إلى أن الدعاية الإعلامية الأمريكية تشير إلى وجود مخططات مشابهة لتلك التي سبقت غزو العراق عام 2003، حيث يتم استهداف الملف الإيراني بشكل مماثل تحت غطاء قضايا أمنية.

في النهاية، تمثل معضلة إيران تحديا للسياسات الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء. وزعم خديو أن الخارجية الإيرانية تعمل بجهد لإفشال هذه المخططات، وأن الرئيس الإيراني يقود دبلوماسية فاعلة لحث المجتمع الدولي على الضغط على إسرائيل لخفض التوتر. إن الوضع في الشرق الأوسط يظل متأرجحا بين تصعيد الصراع وموضوعات الدبلوماسية، مما يجعل الطريق نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة محفوفا بالتحديات والتعقيدات المتعددة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version