في فندق “ذا نِد” في الدوحة، كان منير شفيق، الرجل الذي يحمل 88 سنة من النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، يمشي بخطوات ثقيلة مستندًا إلى عكازه. شفيق، الذي وُلد قبل 12 عامًا من إنشاء إسرائيل، قضى حياته في مكافحة الاحتلال منذ طفولته في القدس، وقد رأى الكثير من الأحداث التاريخية. رغم تقدمه في العمر، حافظ على قامته المستقيمة وروحه القوية. يعتبر شفيق من الرموز التاريخية في نضال الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى كونه مثقف ومؤرخ، حيث يعكس تجاربه في الماضي كل ملامح الصراع العربي الإسرائيلي.

تحدث شفيق عن العنوان الذي اختاره لسيرته الذاتية “من جمر إلى جمر”، حيث أوضح كيفية تقلبه بين التيارات السياسية. كان يتهم بتغيير مواقفه، لكنه أشار إلى أن ذلك كان نتيجة للتغيرات الجذرية التي شهدتها المنطقة بأسرها وليس له وحده. اعتبر أن العديد من الأشخاص يتحولون إلى مواقف جديدة لأسباب شخصية، ولكن تجاربه كانت تنبع من الحاجة إلى تطوير فهمه للأوضاع المتغيرة حوله. هذه الردود تعكس مسيرة فكرية معقدة، حيث تشكل التاريخ والشخصية الفلسطينية محور اهتمامه.

استعرض شفيق موقفه المتفائل في ظل النزاعات المستمرة، مشيرًا إلى أن ميزان القوى قد بدأ في التغيير لصالح الفلسطينيين، على الرغم من الصعوبات والمعاناة المترتبة على الوضع الحالي. لقد اعتبره تحليلاً منهجياً يعتمد على فهم المعطيات التاريخية والسياسية، حيث أكد أن ميزان القوى لا يقتصر على قوة الجيش فقط، بل يشمل عوامل عدة مثل الدعم الدولي والوحدة الشعبية. هذه الرؤية الشاملة ساهمت في تشكيل مبادئه السياسية بشكل متين عبر العقود.

تجدر الإشارة إلى أن شفيق قد عاش الفترة التي سبقت حرب 1948، حيث استشعر الخطر، ونعى التقاعس العربي الذي أسفر عن مأساة الشعب الفلسطيني. ذكر أنه كان يتلقى تعليماته من والده، الذي كان لديه إدراك متقدم لعلم الحرب. شفيق استعار من هذه التعاليم لتطبيقها في سياق العمل السياسي، مؤكدًا على أهمية معرفة موازين القوى التاريخية السياسية لتجنب الأخطاء القاتلة.

يعتبر شفيق الأنظمة السياسية المعاصرة ولادة لفترة جديدة، حيث اعتبر أن الشعب الفلسطيني بدأ يستعيد بعض القدرة على الفعل والمقاومة أمام الاحتلال. في الوقت الذي اعتبر أن تزايد الانتهاكات والعمليات العسكرية يعكس الضعف الإسرائيلي، قدم تحليلاً أكثر تفائلًا للمشهد الحالي بالنسبة للمقاومة الفلسطينية. تحدث عن إخفاق إسرائيل في إيقاف المقاومة وعدم قدرتها على القضاء على الإرادة الفلسطينية، مما يعكس تغيرًا في ميزان القوى.

في الختام، أشار شفيق إلى أهمية إحياء القيم الإنسانية والقانون الدولي أمام الواقع المعقد. وأكد أن نتائج الحروب السابقة تغيرت بفعل تطور الوعي العالمي حول حقوق الإنسان، مما يجسد بداية مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني. إن ما يراه شفيق من تغير في ميزان القوى يعطي أملاً للشعب الفلسطيني بأن يكون له مستقبل أفضل، رغم كل التحديات والمعاناة التي يعاني منها، مما يجعل صوته علامة فارقة في سجل الصراع المستمر.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version