في نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في تونس، أفرزت النتائج فوز الرئيس قيس سعيد بولاية ثانية بنسبة تفوق 90% من الأصوات. شارك في الانتخابات أكثر من 2.8 مليون ناخب، حيث حصل سعيد على أكثر من 2.4 مليون صوت، مما يعكس استمرار شعبيته وتحكمه في الساحة السياسية رغم التقلبات التي شهدتها البلاد. من جهة أخرى، عانت الأحزاب السياسية التقليدية من تراجع شعبيتها، خصوصًا بعد المقاطعة التي أعلنتها عدة أحزاب يسارية والتي نتجت عن فقدان الثقة في المسار السياسي الحالي.
ويستند المحللون إلى أن مقاطعة الكثير من الأحزاب ساهمت بشكل كبير في فوز سعيد، حيث كان من المتوقع أن يؤثر ذلك سلبًا على نسبة التصويت للمرشحين الآخرين. وأشار الناشط السياسي المعارض عبد الوهاب معطر إلى أن عدد الناخبين المؤيدين لسعيد يقارب نسبة من صوتوا على الاستفتاء الدستوري الذي أجرى في يوليو 2022، مما يعكس وجود قاعدة شعبية مستمرة لديه. في المقابل، لم تتجاوز نسبة منافسه العياشي زمال 7.35%، مما يدلل على ضعف الدعم للمرشحين الذين يعارضون سعيد.
في السياق نفسه، أبدى المعارضون قلقهم من نسبة الفوز العالية وأكدوا أنها قد تدل على وجود شبهة تزوير، مشيرين إلى سابقة الرئيس السابق زين العابدين بن علي في تحقيق نسب عالية مشابهة. لكن عبد الوهاب معطر استبعد هذه الفرضية وأكد على وجود وعي شعبي وعدم رغبة في إحداث تغييرات جذرية تحت ضغط الأزمات الحالية، مشددًا على أن فوز سعيد يعكس الاستياء من الأحزاب التقليدية.
على الرغم من أن فوز الرئيس يعتبره أنصاره تعبيرًا عن ثقة الناخبين فيه، إلا أن هناك أيضًا دعوات من قبل المعارضة للتأكد من النزاهة الانتخابية. فعلى الرغم من أن سعيد يعد نفسه معتمدًا على “المصداقية” و”نظافة اليد”، إلا أن المحللين يرون أن نسبة الفائز ونسبة المشاركة المنخفضة (28.8%) قد تعكس عدم إقبال شعبي واسع على الانتخابات، في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد.
ينظر القائمون على حملة العياشي زمال إلى نتائج الانتخابات كدليل على وجود ماكينات انتخابية غير عادلة دعمت سعيد. وهذا الاستنتاج يعكس الشعور بالاستبعاد بين قادة الأحزاب الكبرى التي اختارت المقاطعة، حيث اعتبر الجبابلي أن النتيجة تعكس انقسامًا سياسيًا وعدم مصداقية بين المعارضين، مما يؤكد التوقعات حول عدم انتهاء حالة الاحتقان السائدة في البلاد.
ختامًا، يبدو أن تونس أمام مرحلة جديدة تتطلب إعادة التفكير في المسار السياسي. الفائزون يأملون في استقرار سياسي مع إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، بينما المعارضة تؤكد استمرار نضالها من أجل الديمقراطية واستعادة الثقة في المؤسسات. وبالتالي، تشكل انتخابات قيس سعيد علامة فارقة في تاريخ تونس، حيث تظل الآمال معلقة على إجراء تغييرات إيجابية في ظل الواقع المحاصر بالصعوبات.