شن المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، هجوماً حاداً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيراً إلى استغلاله للأوضاع العسكرية والسياسية الحالية لتحقيق ما يسمى بـ “النصر المطلق” في غزة ولبنان. ويعتبر هرئيل أن نتنياهو يستخدم الدعم السياسي الذي يتمتع به، بالإضافة إلى التماهي مع الموقف الأميركي، لتحقيق أهداف تتجاوز بكثير مجرد حماية الحدود الإسرائيلية. ويركز المحلل على سعي نتنياهو إلى تطبيع مشهد الحرب في الحياة اليومية للإسرائيليين وجعله جزءًا من واقعهم.
يبرز هرئيل التقدم الذي يحرزه الجيش الإسرائيلي في لبنان، حيث يعزز من سيطرته على القرى والمواقع الاستراتيجية، مما يؤدي إلى تدمير المجمعات العسكرية التابعة لحزب الله. لكنه يُبدي تجاهلاً للخسائر اليومية التي يتعرض لها الجيش في غزة وجنوب لبنان، مشيرًا إلى أن التقدم العسكري يأتي وسط مقاومة محدودة من حزب الله على الرغم من التحذيرات من تطورات خطيرة قد تنجم عن استمرار تلك المواجهات.
يرى المحلل أن نتنياهو يستثمر الظروف الحالية في محاولة لتحقيق تسوية سياسية جديدة عبر وساطة أميركية وأممية، معتبراً أن الولايات المتحدة، تحت إدارة الرئيس جو بايدن، تدعم موقف إسرائيل، مما يسمح لها بالاستمرار في اعتداءاتها على لبنان لتحقيق مصالحها الإقليمية. وفي هذا الإطار، تشير السياسات المتبعة إلى تعزيز رؤية نتنياهو للحرب كوسيلة لفرض الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة.
واستعرض هرئيل دور الإعلام الإسرائيلي في “تطبيع القصف”، حيث يُعتبر الحديث عن القصف اليومي للأراضي الإسرائيلية أمراً طبيعياً لا يثير تساؤلات. كما أشار إلى تصريحات رئيس الشرطة الإسرائيلية التي تعكس محاولة الحكومة تطبيع المشهد الدموي في أذهان المواطنين. ويشير المحلل إلى تراجع الاهتمام بقضية الأسرى، معتبراً أن نتنياهو يخطط لخلق أزمات متعمّدة لتعميق الاستمرارية في إدارة الأزمة، بعيدًا عن تحقيق أهداف إنسانية.
وفي ظل انتهاكات الجيش الإسرائيلي في غزة، يسعى الجيش لتدمير واسع في المناطق التي يقطنها الفلسطينيون، مما يدفع هؤلاء السكان لرفض التحرك رغم الضغوط المتزايدة. ويشير هرئيل إلى خطط إسرائيل لترحيل الفلسطينيين من شمال القطاع في سياق “الترتيبات الأمنية”. وأيضًا، يُظهر الإعلان عن السيطرة على الإمدادات الإنسانية الموجهة إلى غزة رغبة الحكومة الإسرائيلية في توجيه المساعدات لمصالحها السياسية.
يتمظهر الوضع السياسي أيضًا في توسيع الائتلاف الحكومي بعد انضمام حزبي ساعر وكتلته السياسية، مما يعطي نتنياهو فرصة لتعزيز قاعدة دعمه وتنفيذ أفكار قد تعمق الأزمات السياسية والأمنية. كما يحاول فرض قانون يضمن السيطرة على لجان التحقيق المتعلقة بإخفاقات الحرب، مما يستبعد ممثلي المحكمة العليا. وينعكس ذلك في سعيه لإعادة تشكيل القيادة العسكرية وفقاً لمصالح الحكومة، وبالتالي زيادة السيطرة السياسية على الجيش وتحسين توجيهاته، مما قد يؤدي إلى تقليص الاستقلالية العسكرية.
في الختام، يحذر هرئيل من أن سياسات نتنياهو لتحقيق “النصر المطلق” قد تجر إسرائيل إلى دوامة من الأزمات، مبيّناً أن هذه الرغبة في السيطرة قد تؤدي إلى المزيد من المشاكل والانقسامات الداخلية، مما يُضعف المجتمع الإسرائيلي ويعقد أي محاولة لحلول مستقبلية.