تناقش هيئة تحرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية في افتتاحيتها الوضع الإنساني المتفاقم في شمال قطاع غزة، حيث يواجه السكان الفلسطينيون أوضاعًا قاسية نتيجة العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر 2023. تتحدث الصحيفة عن قرار الجيش الإسرائيلي بإخلاء شمال غزة، مما أجبر الفلسطينيين على النزوح نحو الجنوب، في إطار خطة تندرج تحت ما يُسمى “خطة الجنرالات”، على الرغم من نفي إسرائيل الرسمي لتنفيذ هذه الخطة. وقد تم إعلان المنطقة منطقة عسكرية مغلقة، مما يشير إلى عدم إمكانية دخول أي شخص أو حتى منظمات الإغاثة، وهو ما يزيد من الأعباء الإنسانية.
تتحدث الافتتاحية عن مخاوف سكان المنطقة من فقدان منازلهم للأبد، حيث يُعد البقاء في الشمال بمثابة خطر على حياتهم. وحذرت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى من أن الوضع قد أصبح “مدمرًا”، مع وجود خطر عنيف يتهدد جميع السكان جراء سوء التغذية والأمراض. وتوضح الصحيفة أيضًا أن القوات الإسرائيلية تمنع دخول شاحنات المساعدات الإنسانية، مما يزيد من صعوبة الوضع، حيث يتم السماح فقط لبعض الحالات الطارئة بنقل المصابين.
تُبرز الافتتاحية تجاهل الرأي العام والمسؤولين للقانون الدولي، حيث تسلط الضوء على عدم الاكتراث العسكري بالمأساة الإنسانية التي تتعرض لها المدنيين، وكأن الحرب تجري دون أي اعتبار لوجودهم وأثر تلك العمليات عليهم. يُظهر الجيش الإسرائيلي رغبة في الانتقام من حركة حماس، وهو ما تحول إلى حرب وحشية تُعتبر انتهاكًا صارخًا لقوانين الحرب، مما يضع وصمة عار على ضمير الإنسانية.
تشير الصحيفة إلى التدمير الكبير للمنازل والبنية التحتية في شمال قطاع غزة، مما يمهد الطريق لمخططات الاستيطان مستقبلاً على غرار المستوطنات القائمة في الضفة الغربية. هذه الإجراءات توحي بأن هناك رغبة في فرض السيطرة الإسرائيلية على المنطقة، مما يعكس تغييرات ديموغرافية جديدة قد تتنامى بعد الأزمة الحالية.
تدعو هيئة تحرير هآرتس إلى التخلي عن “خطة الجنرالات” وإنهاء هذه الكارثة الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى اتخاذ خطوات جادة لإنهاء الحرب وتنفيذ صفقة تبادل الأسرى. تطالب الصحيفة بالتحرك نحو حوار أوسع لتخفيف معاناة السكان والبحث عن حلول دائمة للصراع القائم، معتبرة أن الظروف الحالية لا يمكن أن تستمر لأن الأبعاد الإنسانية تتطلب اهتمامًا فوريًا وأكثر إنسانية.
في الختام، تبرز الافتتاحية أهمية العمل على إنهاء الحرب والتوصل إلى تفاهمات تسهم في إنقاذ المدنيين وتحسين ظروف حياتهم، مع التأكيد على ضرورة الالتزام بالقوانين الدولية والإنسانية. إن تجاهل المعاناة الإنسانية لن يؤدي إلى حل دائم، بل يعمق الأزمات ويزيد من احتقان الوضع، مما يستوجب استجابة عاجلة من كل الأطراف المعنية.