تناولت صحيفة نيويورك صن مسألة الصدام المتوقع في حال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بولاية ثانية، حيث أشارت إلى إمكانية محاولة استبعاده من البيت الأبيض بناءً على القسم الثالث من التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي. ينص هذا القسم على منع أي مسؤول حكومي سابق من تولي مناصب جديدة إذا قام بخيانة القسم من خلال الانخراط في تمرد. وقد تم استخدام هذه الفقرة من قبل الديمقراطيين كوسيلة لإسقاط ترامب بسبب دوره في المحاولة لإبطال نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة. النائب الديمقراطي جامي راسكين أكد أن الديمقراطيين سيحاربون أي محاولات اختلاس للأصوات وسيدافعون عن نزاهة الانتخابات.
راسكين، الذي قاد جهود مساءلة ترامب بعد أحداث 6 يناير، حذر من أن ترامب يعد لمتكرر جديد من “الكذبة الكبرى”. هذه التحذيرات جاءت بالتزامن مع تأكيد النائب حكيم جيفريز على أن الديمقراطيين في مجلس النواب ملتزمون بحماية الديمقراطية وضمان نقل السلطة بشكل سليم. بل إن المحكمة العليا في كولورادو اعتبرت أن أحداث 6 يناير كانت بمثابة تمرد، وأن ترامب مسؤول عن ذلك بشكل كافٍ لتفعيل بند الاستبعاد، بالرغم من أن المحكمة العليا ألغت لاحقًا حكمًا سابقًا بشأن هذه القضية.
ذكرت الصحيفة أن أحد الخيارات المتاحة لاستبعاد ترامب هو الإدانة بموجب قانون التمرد الجنائي، الذي ينص على عقوبات صارمة على من يشجع أو يشارك في أي تمرد ضد الولايات المتحدة، مما يجعله غير مؤهل لتولي أي منصب حكومي. ومع ذلك، لم يتهم المستشار الخاص جاك سميث ترامب بالتمرد، كما لم توجه وزارة العدل التهم لأكثر من ألف شخص شاركوا في أحداث 6 يناير. وبالتالي، لم تقرر أي محكمة فيدرالية أن ما حدث كان تمردًا رسميًا.
أشارت الصحيفة إلى أن الديمقراطيين قد يسعون للاستمرار في قضية استبعاد ترامب، خاصة إذا تمكنوا من السيطرة على الكونغرس. المحامي آندي مكارثي رأى أنه قد يتم تمرير تشريع لإنشاء عملية لاستبعاد ترامب أو عزله. وهناك إمكانية أن يلجأ الديمقراطيون إلى إجراءات العزل للمرة الثالثة ضد ترامب إذا أمسكوا بمقاليد الكونغرس، وهذا رغم تعهد ترامب بطرد جاك سميث إذا عاد إلى البيت الأبيض.
كان من الواضح أن الديمقراطيين مستعدون لاتخاذ إجراءات قوية ضد ترامب، حتى لو هؤلاء الإجراءات لم تكن موثوقة كالإدانات القانونية المباشرة. لقد أظهروا تصميمهم على حماية المؤسسات الديمقراطية ومنع أي محاولات لتقويض نتائج الانتخابات. ولكن، بالنظر إلى الإخفاقات السابقة في تحديد طبيعة أحداث 6 يناير، تبقى التعقيدات القانونية والسياسية تحديات كبيرة أمام أي جهود لاستبعاد ترامب من الترشح أو من تولي منصب حكومي.
في الختام، تمثل هذه الأوضاع تحولات كبيرة في المشهد السياسي الأمريكي وتعيد إلى الأذهان الصراعات الحادة التي شهدتها البلاد في الأعوام الأخيرة. إن استغلال قسم من التعديل الرابع عشر كوسيلة لمحاولة منع ترامب من العودة إلى السلطة يعكس عدم الاستقرار الذي يعيشه النظام السياسي والتوترات بين الحزبين الرئيسيين. يتضح أن المعركة ضد ترامب لن تكون مجرد معركة انتخابية، بل هي معركة على القيم والتوجهات الديمقراطية في الولايات المتحدة.