قال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الشرطة البرازيلية تمكنت من الكشف عن شبكة تجسس روسية كانت تعمل بسرية تامة، ولكن اللافت في الأمر هو أن العملاء كانوا يستخدمون شهادات ميلاد برازيلية أصلية.

وكتب التقرير المراسلان جين برادلي ومايكل شويرتز، وهما صحفيان متخصصان في شؤون الاستخبارات والأمن، وقد غطى كل منهما العمليات الروسية في الغرب على مدى أكثر من عقد.

ووفق التقرير، يعتقد الآن أن هذه الوثائق زُرعت في السجلات المدنية البرازيلية في أواخر عهد الاتحاد السوفياتي، وتحديدا في ثمانينيات القرن الماضي.

وأوضح التقرير أن هذه الشهادات لا تُظهر أي مؤشرات على التزوير أو التصنيع الحديث، بل تبدو كأنها وثائق أصلية تماما.

من جيل إلى جيل

ودفع هذا الاكتشاف المحققين إلى تبني فرضية جريئة، وهي أن عملاء من جهاز الاستخبارات السوفياتية (كيه جي بي) تعمدوا إنشاء سجلات لأشخاص غير موجودين على أرض الواقع، بهدف توفير غطاء قانوني محكم لجواسيس المستقبل.

وأشار التقرير إلى أن حقيقة الشهادات تبينت عند معاينة المعلومات المذكورة فيها، فعلى سبيل المثال تعود بعض الأسماء المدرجة للآباء في هذه الشهادات إلى أشخاص غير موجودين أو لم يُعرف عنهم أنهم أنجبوا أطفالا بالأسماء المذكورة.

وفي تطور لافت خلال التحقيقات، كشف التقرير أن أحد الأسماء المدرجة تحت خانة الأب في إحدى الشهادات يعود إلى اسم مستعار استخدمه جاسوس روسي سابق عمل في أميركا الجنوبية وأوروبا، مما أثار تساؤلات عما إذا كان ذلك خطأ عرضيا أم رسالة رمزية من جيل إلى آخر داخل جهاز الاستخبارات.

بين الشك واليقين

وقال التقرير إن التحاليل الجنائية التي أجراها خبراء الطب الشرعي البرازيليون على الشهادات أظهرت نتائج مدهشة، إذ لم يكتشفوا مؤشرات على استخدام حبر مزيف أو أي تغيير في الورق أو دفاتر السجلات الرسمية، مما يعزز الاعتقاد بأن هذه الوثائق أدخلت في السجلات الرسمية منذ عقود ضمن خطة استخباراتية محكمة.

وأعرب بعض الخبراء في وكالات الاستخبارات الغربية عن شكوكهم بشأن صحة هذه الفرضية، إذ لم يسجل التاريخ الحديث -بحسب ما أخبروا الصحيفة- حالة مشابهة من التخطيط المسبق في مثل هذه الفترة الزمنية.

وأكد التقرير أن زرع شهادات ميلاد مزيفة بهذه الطريقة المتقنة يعد تصرفا غير مسبوق حتى في عالم الجاسوسية المعروف بتعقيده، ولكنه يتماشى تماما مع ثقافة جهاز الـ”كيه جي بي” الذي كان يقدّر التخطيط على المدى الطويل، والتضحية بالموارد من أجل مهام قد لا تنفذ إلا بعد عشرات السنين.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.