نشر تقرير في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يتناول تدهور سمعة مرتزقة فاغنر الروسية في إفريقيا، نتيجة لهزيمة كبيرة تكبدتها في مالي خلال يوليو/تموز الماضي. حيث واجهت مجموعة فاغنر، التي تعتبر ذراعًا عسكريًا لروسيا في القارة، تحديات جسيمة في شمال مالي أثناء مواجهتها لجماعات مسلحة محلية. وأسفرت المعركة عن مقتل 46 مقاتلاً من فاغنر و24 جنديًا من الجيش المالي المتحالف معهم، مما اعتُبر واحدًا من أكبر إخفاقات المجموعة في المنطقة. تعكس هذه الهزيمة فجوة كبيرة في قدرتها على فرض السيطرة في بيئة صعبة ومعقدة.
تعتبر المعركة التي وقعت في يوليو/تموز ليست قضية منفردة بل جزءًا من صراع مستمر بين فاغنر وجماعات المسلحين المناوئين لها في شمال مالي. ومع تزايد حدة الاشتباكات، أصبحت الصورة القوية التي كانت تتمتع بها فاغنر في خطر، خاصة بعدما تم تسريب مقاطع فيديو مؤلمة لجثث مقاتليها بعد الهزيمة. هذه التقارير وشهادات المشاركين في المعركة زعزعت الثقة في كفاءة فاغنر القتالية، وأثارت قلقًا كبيرًا حول إمكانية استمرارها في المنطقة.
مع تزايد الخسائر، لم تتأثر سمعة فاغنر فقط بل راحت جهودها في تجنيد عناصر جديدة تواجه صعوبات ملحوظة. كانت فاغنر تعتمد على سمعتها القوية لجذب المجندين، لكن الصور ومقاطع الفيديو المتعلقة بالمعارك الشرسة وعدم انتصاراتها بدأت تؤثر سلبًا على القرار لدى المتطوعين المحتملين. الأمر الذي يضعف قدرتها على الحفاظ على قوتها البشرية ويؤثر على عملياتها العسكرية.
القيادة الروسية بدأت تعيد النظر في دعمها لفاغنر، مشيرة إلى أن النجاحات السابقة في تعزيز نفوذ روسيا في إفريقيا قد تتراجع. وتظهر التقارير أن الخسائر المستمرة قد تدفع موسكو لإعادة تقييم استراتيجياتها العسكرية. فاجراءات الدعم التي كانت تقدمها روسيا لفاغنر قد تصبح موضوع توتر في سياق تدهور قدرة المجموعة على القيام بمهامها بنجاح.
الضغوط المتزايدة على فاغنر نتيجة للخسائر قد تؤدي إلى البحث عن شركاء بديلين من قبل الدول الإفريقية المتأثرة. الحكومات المحلية، التي تود حماية مصالحها في ظل غياب الدعم الكافي من فاغنر، قد تتجه نحو البحث عن خيارات أخرى، مما يؤثر سلبًا على السياسة الروسية في المنطقة. وبالتالي، فإن فاغنر بحاجة ملحة لاستعادة قوتها عبر تحسين قدراتها القتالية ووسائلها الاستراتيجية.
إن ردود الفعل الدولية تجاه فشل فاغنر تتنوع، حيث يستفيد بعض المراقبين من هذا التراجع لتسليط الضوء على المخاطر المرتبطة بالتدخل العسكري الروسي في إفريقيا. تزايد الانتقادات يمكن أن يفرض ضغوطًا إضافية على الحكومات والمعنيين بالتعامل مع فاغنر، مما ينعكس على شكل تغييرات في النهج والمعايير المتبعة في العلاقات العسكرية والدفاعية في القارة.