في تقرير نُشر في صحيفة “نيويورك تايمز”، كشفت إسرائيل عن تنفيذها سلسلة من الغارات الجوية على إيران، وهي خطوة تُعتبر اعترافًا نادرًا من قبلها. جاءت هذه الغارات كرد فعل على الهجمات المستمرة التي شنها حلفاء إيران ومدعومين منها في مختلف أنحاء الشرق الأوسط على المصالح الإسرائيلية. تاريخيًا، كانت العلاقة بين إيران وإسرائيل قائمة على ما يُعرف بالحرب الخفية، حيث استخدمت إيران شبكة من الجماعات المسلحة لاستهداف المصالح الإسرائيلية، في حين سعت إسرائيل لاغتيال شخصيات إيرانية بارزة وشنت هجمات إلكترونية ضد إيران. هذه الأحداث تصاعدت بشكل ملحوظ في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة “حماس” على إسرائيل في 7 أكتوبر 2022، والذي أدى إلى تفجر الصراع بين الطرفين.

في أبريل 2023، وقعت نقطة تحول رئيسية عندما أطلقت إيران أول هجوم مباشر عليها، مستخدمة الصواريخ والطائرات المسيرة، كرد فعل على غارة إسرائيلية استهدفت مجمع السفارة الإيرانية في دمشق وأسفرت عن مقتل ثلاثة من كبار القادة الإيرانيين. في المقابل، واصلت إسرائيل توجيه الضربات، حيث استهدفت زعماء بارزين في حزب الله اللبناني، وعمليات عسكرية في قلب طهران، ما زاد من حالة التوتر بين الجانبين. هذا التصعيد المتبادل خلق بيئة من الاضطراب السياسي والعسكري في المنطقة، حيث أصبح الصراع بين إسرائيل وإيران أكثر وضوحًا بعد سنوات من العمليات السرية.

في 27 سبتمبر 2023، اغتالت إسرائيل الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، في ضاحية بيروت الجنوبية، مما أثار ردة فعل فورية من إيران التي شنت ضربات جوية على الحدود. على الرغم من التأخر في الرد الإسرائيلي على الهجمات الإيرانية، إلا أن الضغوط السياسية والعسكرية الابتدائية أدت في النهاية إلى تنفيذ الغارات الإسرائيلية المفاجئة في 7 أكتوبر 2023، حيث قامت الطائرات الإسرائيلية بتحقيق أهداف عسكرية داخل إيران، استفاد منها الجيش الإسرائيلي في إطار عملية منسقة.

تتوسع عمليات القصف الإسرائيلية لتشمل حوالي 20 هدفًا عسكريًا، وفقًا للمسؤولين الإسرائيليين، حيث استهدفت الغارات مناطق لا تتعلق بالمنشآت النووية الإيرانية تجنبًا لتصعيد أكبر في المواجهة. وقد تمكن بعض السكان في طهران من رؤية وسماع هذه الغارات التي تنذر بصخب في الأجواء. أكد الجيش الإسرائيلي أن هذه الضربات جاءت نتيجة تأخير بسبب عدة عوامل، بما في ذلك المحادثات مع الأمريكيين وانتظار نظام الدفاع الجوي الأمريكي.

في إطار التوترات العسكرية، تشير التقارير إلى مخاوف أمريكية تتعلق بسلسلة الغارات الإسرائيلية، وذلك في ظل وثيقتين استخباراتيتين سُرّبتا تشير إلى استعدادات عسكرية مكثفة من جانب إسرائيل. الولايات المتحدة عبر رئيسها جو بايدن أكد أنها لن تدعم هجومًا ضد المنشآت النووية الإيرانية، مما يسلط الضوء على التوازن الدقيق الذي تسعى واشنطن للحفاظ عليه في منطقة مضطربة. بيد أن الأسئلة ما زالت تُطرح حول توقيت وطبيعة الضربات الإسرائيلية، مما يعكس حالة عدم اليقين والقلق بشأن الصراع المستمر بين إيران وإسرائيل.

أخيرًا، يأتي هذا التوتر المتصاعد في سياق حرب طويلة الأمد بين إيران وإسرائيل، مدعومًا بتجارب معقدة وصراعات أيديولوجية. هذه الأحداث الأخيره ليست سوى واحدة من حلقات سلسلة متواصلة من العداء بين الطرفين، التي تشهد تطورات مستمرة تتأثر بالمعطيات السياسية الإقليمية والدولية. تتزايد قلق الأطراف السياسية في المنطقة، وفي المقدمة منها الولايات المتحدة، مما أدى إلى ضغوط مستمرة للبحث عن حلول تسعى لتقليل حدة التوترات وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.