في مظاهرات حاشدة شهدتها تل أبيب مؤخرًا، تعالت الأصوات المطالبة بإبرام صفقة تبادل وإجراء انتخابات مبكرة لإزاحة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. تمحورت إحدى اللافتات حول سؤال مُلحّ للمتظاهرين: “من نحن بدونهم؟”، في إشارة إلى الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس. هذه المشاعر، بحسب ميراف زونسزين، كبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية في مجموعة الأزمات الدولية، تعكس حيرة الكثير من الإسرائيليين بعد مرور عام على “أطول حرب في تاريخ إسرائيل”. تجسد الأسئلة التي تطرحها زونسزين وثيقة الصلة بالمعاناة الإنسانية، حيث يتساءل الكثيرون عن قيمة الوطن اليهودي إذا كان لا يولي الأولوية لإنقاذ مواطنيه المختطفين.

تعمّقت أزمة إسرائيل الداخلية عقب الأحداث المأساوية التي شهدتها البلاد في 7 أكتوبر 2023. وصفت زونسزين حالة البلاد بأنها “منكمشة”، حيث نزح عشرات الآلاف من الإسرائيليين من مناطق الشمال والجنوب، في وقت تجري فيه حرب متعددة الجبهات تصاعدت من حدّتها. يتساءل الشعب الإسرائيلي عن مستقبلهم وأمنهم في ظل عدم وجود رؤية واضحة من قادتهم، مما يؤدي إلى مشاعر القلق والتوتر التي تعمّ البلاد.

مع تفشى الأزمة، يختار الكثير من الإسرائيليين، وبالأخص أولئك الذين يمتلكون موارد كافية، الهجرة أو التفكير في مغادرة البلاد، فيما يشهد الشارع أيضا خروج الآلاف للاحتجاج أسبوعيًا. وقد أُشير إلى مواجهات عنيفة بين الشرطة والمحتجين، مما يعكس حالة الاحتقان والقمع التي تعاني منها البلاد. الكاتبة تؤكد على أن هذه الحرب الحالية تعتبر انفصالية عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث يظهر جليًا أن حالة التوتر والغضب تتركز على فشل الحكومة في إنقاذ الأسرى، أكثر من تدمير غزة.

تعبر زونسزين عن استنكارها للاستخفاف الإسرائيلي بمعاناة الفلسطينيين، مُشيرة إلى أن هذا التجاهل يعد سمة واضحة جدًا للخروج من الوضع الراهن. هذه الـ”لامبالاة” التي تزداد وضوحًا بعد الأحداث الأخيرة، ساعدت في تعزيز نفوذ اليمين المتطرف في الساحة السياسية الإسرائيلية. في الواقع، تهيمن اليوم رؤية اليمين على المشهد السياسي، حيث تضع الأهمية الكبرى على السيطرة والهيمنة اليهودية، مما يزيد من حدة الانقسامات الموجودة داخل المجتمع.

تطرح الكاتبة تساؤلات حادة حول كيفية تفسير الإسرائيليين لحالة بلد تنتقل قيادتها من القيم الإنسانية الأساسية نحو تعزيز سلطة سياسية وقوة عسكرية مفرطة، وتجاهل حقوق الفلسطينيين. كما تتساءل كيف يُعقل أن تُرفض اعتقالات المستوطنين الذين يعتدون على الفلسطينيين، بينما تستمر الاعتقالات للمشاركين في المطالبات بإطلاق سراح الأسرى. هذه الانتقائية في تطبيق القانون تثير تساؤلات عميقة حول العدالة والمساواة في المجتمع.

تختزل زونسزين مشاعر القلق والفوضى في إسرائيل، مشيرة إلى الحاجة الملحة لتفكير جاد حول القيم التي يقوم عليها المجتمع الإسرائيلي. في ظل هذا العنف المتزايد والتوترات المستمرة، يبدو أن القضايا الإنسانية الأساسية وضعت في ذيل أولويات الحكومة، مما يتطلب إعادة تقييم الفكر والسياسات الإسرائيلية تجاه الصراع على الأرض. إن إعطاء الأولوية للسياسات العسكرية على حساب رفاهية المواطنين والاعتراف بحقوق الآخرين يشير إلى أزمة أعمق في هوية إسرائيل وتوجهاتها المستقبلية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version