في فجر يوم الأربعاء، أعلن المرشح الجمهوري دونالد ترامب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما جعله يعود إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية. وقد اعتبرت مجلة نيوزويك هذا الإنجاز بمثابة “أعظم عودة سياسية” في تاريخ الولايات المتحدة الحديث. في خطابه من فلوريدا، وصف ترامب فوزه بأنه نتيجة لـ “أعظم حركة سياسية في كل العصور”، مؤكداً التزامه بـ “مساعدة بلادنا على التعافي”. جاء هذا النجاح بعد أربع سنوات من رفضه الاعتراف بهزيمته السابقة، ووعد ترامب خلال حملته بالانتقام من أعدائه السياسيين.
ترامب، الذي أصبح بذلك أول رئيس أميركي يحصل على ولايتين غير متتاليتين منذ غروفر كليفلاند عام 1892، استطاع تعزيز قاعدته الانتخابية بشكل غير مسبوق. بدلاً من التركيز فقط على جذب أنصاره التقليديين، سعى ترامب إلى توسيع قاعدة الدعم من خلال جذب الناخبين الشباب والأقليات، مما ساهم في إحداث تغيير في الخريطة الانتخابية للجمهوريين. نجحت حملته في تجنب الإعلام التقليدي التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثرى قدرتها على التواصل مع الناخبين بطريقة جديدة ومؤثرة.
في إطار انتصاره، أكد ترامب على قوة حملته في تجاوز التحديات، حيث تسلمت حملة ترامب دعمًا كبيرًا من مؤثرين عوضوا عن ضعف التغطية الإعلامية التقليدية. كما أشار المحللون إلى أن ترامب يتفوق على أدائه في الانتخابات السابقة، بفضل استراتيجية فعالة تمكنت من كسر القيود المعتادة على الحملات الانتخابية. علق جون كينغ من شبكة “سي إن إن” على تحسن أداء ترامب، موضحاً أنه يفوق نتائج عام 2020 بفارق ثلاث نقاط.
من جهته، اعتبر عالم السياسة ستيف شير أن ترامب أظهر قدرته على تحدي التاريخ عبر تشكيل ائتلاف جديد ومتنوع من الناخبين، مما يعد إنجازاً غير معتاد في عالم السياسة. ومع عودته إلى السلطة، سيستفيد ترامب من استعادة الجمهوريين لمجلس الشيوخ، مما يعني أن تعييناته للأعضاء في حكومته ستواجه مقاومة أقل، مما سيمكنه من تعزيز إرثه الرئاسي.
بدلاً من أن ينهي مسيرته السياسية في أجواء الهزيمة بعد المحاكمات التي واجهها، بات لدى ترامب الآن أربع سنوات جديدة لإعادة تشكيل الحكومة الأميركية. وبعيداً عن كونها منافسه الشرس في الانتخابات، ستلعب كامالا هاريس، نائبة الرئيس السابقة، دوراً محورياً في تصديق الكونغرس على فوز ترامب في السادس من يناير المقبل، مما يضعها في موقف محرج بعد أحداث الشغب التي شهدها الكابيتول والتي كانت محاولة لإضعاف منافسه في السابق.
لذا، تجسد عودة ترامب فرصة لإعادة تشكيل مستقبل الحزب الجمهوري وتأمين مكانته بين الرؤساء الأكثر تأثيراً في تاريخ الولايات المتحدة. ورغم التحديات والعقبات التي واجهها، فإن قوة قاعدته ونجاح استراتيجيته الانتخابية يعكسان تحولات جذرية في المشهد السياسي الأميركي، مما قد يؤثر على سير السياسة الأميركية والعالمية في السنوات القادمة.