تتناول هذه القصة الشاملة تحقيقات برنامج الأغذية العالمي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية حول سرقة المساعدات الغذائية في إثيوبيا، وهي القضية التي أصبحت معروفة بفضل المقابلات مع أكثر من 20 شخصًا من بين مسؤولين حكوميين ودبلوماسيين وعمال إغاثة. التحقيقات تكشف كيف أن المساعدات الإنسانية التي تُقدم لمساعدة الملايين من المحتاجين تعرّضت للتلاعب والاحتيال، حيث تم تحويل كميات كبيرة من المواد الغذائية لأغراض غير إنسانية. رغم الجهود المبذولة، لا يزال تحديد العقل المدبر وراء هذه العمليات غير ممكن.

تكشف المؤسسة عن وجود شبكة معقدة من التلاعب، حيث ترفض الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي ادعاءات تلقي قواتهم مساعدات غذائية محولة، مشيرة إلى أن المتلقين يساهمون بها في دعم ما أسموه “جيش المدنيين”. تأتي هذه التصريحات لتعكس عمق الوضع الإنساني المتدهور، لكن الفضيحة تركت آثارًا واضحة على علاقة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وبرنامج الأغذية العالمي، مما أدى إلى حدوث شروخ في التعاون بينهما.

تشدد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على أنها بصدد اتخاذ إجراءات لتعزيز الرقابة على المساعدات، ساعيةً لتحسين آليات تسليمها وتوزيعها، مما يدل على قلقها من فشل المنظمات الإنسانية الكبيرة في منع هذه الانتهاكات. في السياق نفسه، تلوح في الأفق نية الوكالة الأميركية للتحول إلى منظمات إغاثة أخرى، وابتعادها تدريجياً عن التعاون مع برنامج الأغذية العالمي في توزيع المساعدات في شمال إثيوبيا.

من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات في إثيوبيا تعمل على تقليص الضغوط الناجمة عن هذه الفضيحة من خلال تصريحات تعزز من موقفها، بالرغم من الشهادات التي تشير إلى عواقب هذه التصرفات على الفئات الأكثر حاجة. تشير التصريحات إلى أن هذه المساعدات، على الرغم من الفساد المحيط بها، تعتبر ذات قيمة، مما يعقد من مهمة المنظمات في إجراء التغييرات اللازمة لسد الثغرات القائمة.

اجتمعت هذه الأبعاد لتشكل قضية معقدة تؤثر على مساعدة الملايين من الإثيوبيين الذين يعانون من الجوع. يحذر أندرو ميتشل، وزير بريطانيا لشؤون أفريقيا الأسبق، من أن مثل هذه التصرفات ستؤدي إلى إبعاد الدعم، مما يجعل الحمل ثقيلًا على الوكالات الإنسانية. إذ لا يمكن توقع استمرار المساهمات من دافعي الضرائب في ظل انكشاف هذه الجرائم.

ختامًا، تبقى قضايا الهدر والاحتيال في المساعدات الإنسانية قضية حساسة ومهمة تحتاج إلى معالجة جدية. تتطلب هذه التحديات بدء حوار ونقاش أكثر شفافية بين جميع الأطراف المعنية في مناطق الأزمات، مع وضع تدابير فعالة لمنع تكرار تلك الانتهاكات وتخفيف تأثيرها على المجتمعات الأكثر عرضة للخطر.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.