في ظل الصراع المتصاعد في قطاع غزة، تعيش العائلات تحت وطأة الخوف والفزع من القنبلة والموت. أبو حسن، الذي أصيب خلال غارة على منزله، كانت كلماته “أشهد ألا إله إلا الله” تملأ الهواء بينما يحاول ذووه إنقاذه من تحت الأنقاض. أم حسن، زوجته، قادت جهود الإنقاذ على الرغم من التحذيرات والمخاطر المحيطة، وكشفت عن الصعوبات التي واجهتها في ظل استمرار القصف. بعد أن تمكنت من انتشاله، واجهت العائلة خطرًا إضافيًا عندما حاولوا الفرار من الحطام والأنقاض، إذ تعرضوا لإطلاق نار من الدبابات اليدوية.
على نحوٍ مماثل، تعيش آمنة وست نساء أخريات في مخيم جباليا وضعًا مأساويًا، حيث أصبح ترك المنزل بالنسبة لهن موتًا مؤكّدًا. تعاني آمنة من الواجبات المضنية تجاه والدتها المسنّة، وتواجه مخاطر قلة الموارد والمياه التي تزداد حدة يومًا بعد يوم، في ظل عدم اليقين من الوقت الذي سيظل الحصار مفروضًا على حياتهن. يظهر التأثير النفسي لما يمرون به، ورغم الظروف المرعبة، تتمسك آمنة بالصبر والإيمان.
محمد عويص، من سكان مخيم جباليا، يرفض النزوح ويؤكد أن ذلك ليس خيارًا. يشير إلى تكتيكات الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك زرع روبوتات مفخخة وسط المناطق السكنية. يتذكر معاناته وفقدانه لمنزله الجديد والذي لم تنته بعد أقساطه، حيث عاش حالة من اليأس بسبب القصف الذي أدى إلى تدمير منزله. وفي سياق ذلك، تتزايد معاناة سكان شمال القطاع مع استمرار الحصار وتقويض سبل الحصول على المساعدات الإنسانية، مما يفاقم الأوضاع المعيشية.
من جهة أخرى، يقول الصحفي محمد الشريف، الموجود في مستشفى كمال عدوان، إن الوضع الإنساني بات في غاية السوء، حيث هناك نقص في الوقود والأكسجين. يتناول الحالات الحرجة التي تستمر في التوافد إلى المستشفى، مهددًا بإغلاق قسم الرعاية، ويصف حجم المجاعة التي يعاني منها السكان. يبرز الشريف دور الصحافة كلاجئ لنقل الحقائق إلى العالم، ويشعر بمسؤوليته كبقية الصحفيين الذين ما زالوا صامدين في توثيق المآسي التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
في سياق الأحداث المأساوية، أظهرت التقارير الطبية أن الإبادة الجماعية أثرت على أكثر من 450 فلسطينيًا في أسبوعين، وسط تصعيد عسكري من قبل الاحتلال، مما يدل على استمرار التوتر والعدوان. فإسرائيل تستهدف تطهير شمال القطاع من الفلسطينيين، لكن أكثر من 100 ألف فلسطيني يبقون مصممين على البقاء ورفض المغادرة، حتى وإن كانت العواقب مميتة. يتمسك هؤلاء بحياتهم وبيوتهم في مواجهة الحصار، مما يخلق مزيجًا من الأمل والإصرار في ظل الظروف المحيطة.
يؤكد العديد من الفلسطينيين أن هذه الأزمة ليست فقط نزاعًا مسلحًا، بل هي محاولة واضحة لاستهداف كيانهم ووجودهم في المنطقة. رغم الحصار والمعاناة، لا تزال هناك أصوات تتحدى الصمت، وتجعل من الصمود وجهة لمواجهة التحديات. تستمر المعاناة، ولكنه تجسد الإرادة والتحدي للذين يعيشون تحت وابل من الغارات والقصف، مما يدل على أن الصراع ليس فقط من أجل البقاء بل هو أيضًا من أجل حرية وكرامة لا يمكن إنكارها.