نقلت بعض وسائل الإعلام الأميركية عن كتاب سيصدر قريباً للصحفي بوب وودوارد، أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”الوغد والرجل السيئ” خلال مناقشة خاصة مع أحد مساعديه. هذا الوصف يدعو للتفكير في شخصية نتنياهو ومواقف حياته، وخصوصاً في سياق خلفيته الأسرية وتأثيراتها على نفسيته. بدايات نتنياهو في عائلة متعصبة وأفكاره القومية المتشددة تشكل الإطار الذي ينطلق منه عند اتخاذ القرارات السياسية. توضح التفاصيل الشخصية في حياته جوانب غريبة من طبيعة شخصيته وطموحاته التي قد تتجاوز ما هو متوقع من زعيم دولة.
أحد هذه التفاصيل المثيرة هو شغف نتنياهو بإرسال غسيله الوسخ إلى البيت الأبيض خلال زياراته للولايات المتحدة. إن هذه القصة، على الرغم من كونها غريبة، تعكس جوانب شخصية نتنياهو الذي يمزج بين البراغماتية والشغف بالتفاصيل. رغم أن هذه العادة قد تبدو عادية بالنسبة للبعض، إلا أنها تحمل دلالات عميقة حول كيفية رؤية نتنياهو لنفسه وعلاقاته بالسلطات العالمية. يُطرح السؤال: هل هي مجرد عادة غير مهمة أم أنها تنم عن تجارب شخصية أعمق ورغبة مستمرة في تحقيق المكاسب، حتى البسيطة منها؟
انتقلت القضية إلى أبعد من مجرد تفاصيل. فقد كشفت تقارير صحفية عن أن نتنياهو وزوجته، سارة، قاما بجمع الزجاجات الفارغة من مقر إقامتهما الرسمي وبيعها للاستفادة من أثمانها. هذه الظاهرة التي أثارت جدلاً واسعاً في إسرائيل لم تؤثر فقط على صورة عائلة نتنياهو، بل أيضاً على كيفية فهم المجتمع لحياتهم الخاصة. بمعنى آخر، تُظهر هذه الواقعة كيف يمكن للمسؤولين أن يستفيدوا من الموارد العامة حتى في أقصى تفاصيل الحياة اليومية، وهو ما جعل الشعب يعبر عن استيائه من تصرفات يعتبرونها دليلاً على استغلال المال العام.
رغم ذلك، تعكس القصة جانباً من العلاقة الوثيقة بين نتنياهو وزوجته، حيث تعكس طريقة تعاملهما مع الموارد المشتركة توجهاً نحو الاستفادة من كل ما يتاح لهما، مهما كان صغيراً. هذه التصرفات تكشف أيضاً عن جانب من القيم الاقتصادية التي يحملها الاثنان، وهو ما يختلف تماماً عن صورة نتنياهو كزعيم يبحث عن القوة والسيطرة. هكذا، تُفكك سلوكياتهما الشخصية أسطورة القائد المثالي الذي ينبغي عليه أن يتمتع بالشفافية والاحترام للموارد العامة.
بدراسة سيرة نتنياهو في سياق عائلته، يمكنني ملاحظة تأثير العائلة اليمينية المتعصبة التي نشأ فيها على توجهاته السياسية. فقد كان والده، بنتسيون نتنياهو، شخصية مؤثرة في إعداد القيم المتعصبة التي تبناها. النشأة في بيئة مليئة بالخلفيات القومية المتشددة منحت نتنياهو شعوراً بالاستحقاق القائم على الهوية الوطنية والدينية المعززة. وبالتالي، يمكن تفسير مواقفه العدائية تجاه الفلسطينيين والدول العربية من خلال هذا الإحساس العميق بالتهديد.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فمعظم القرارات السياسية التي أدلى بها نتنياهو تعكس صراعه الداخلي، حيث يتنقل بين كونه زعيماً قومياً يدافع عن مصالح دولته وكونه شخصاً يأتي بتصرفات تبدو تافهة أو غير مهنية. تأثرت أساليب قيادته بتوجهات عائلته، حيث يُظهر طابع القيادة السيطرة والسلطة، بدلاً من المرونة المطلوبة في أي قائد. هذا الجمع بين القيم القوية والسلوكيات الغريبة قد يجعل من نتنياهو، وفقاً لوجهة نظر بايدن، “وغداً وسيئاً”، مما يضاف إلى مجموعة القضايا التي تقف وراء شخصيته وأفعاله السياسية التي تثير الجدل والإرباك.