قال موقع ميديا بارت إن الإدارة الجديدة التي شكلها الرئيس دونالد ترامب بدأت بعد مدة قصيرة من وصولها إلى السلطة في تنفيذ تدابير صادمة ضد الأقليات تحت ذريعة مكافحة “الأيديولوجية المستيقظة” والدفاع عن القيم الأميركية التقليدية، وبهدف إقصاء النساء والأقليات والأشخاص المحرومين من الدوائر الأكاديمية.

وأوضح الموقع -في تقرير بقلم بنيامين يونغ- أن وثيقة صادرة عن مؤسسة “الولايات المتحدة للتهذيب” المسؤولة عن الطلاب الأجانب، تظهر كيف تسعى إدارة ترامب إلى إقصاء الأقليات الجامعية والنساء، وقال المؤرخ الأميركي رومان هوريه إن هذا الإقصاء يضرب العالم الأكاديمي والعلمي الذي يعاني من “أقوى وأعنف وأضخم هجوم منذ المكارثية” بقوة.

وقد حصل الموقع على وثيقة داخلية من المؤسسة المسؤولة عن الطلاب الأجانب، خاطبت فيها المديرة المسؤولة وكلاء المؤسسة في نحو 20 دولة، وكتبت فيها إشارة إلى الوثيقة المؤرخة بتاريخ 3 فبراير/شباط الجاري، بعنوان “توجيه الاتصالات في مؤسسة الولايات المتحدة للتهذيب: أميركا أولا”، “يرجى الرجوع بشكل نشط إلى الملف المرفق في أنشطتك الاستشارية والتواصلية”.

ويقدم هذا الدليل للموظفين إرشادات لغوية لاستخدامها في عملهم وعند التواصل مع الشركاء، وجاء في الإجراء الأول “بالنسبة للتقارير المقدمة إلى موظفي وزارة الخارجية، شددوا على أن أنشطة مركزكم تجعل أميركا أكثر أمانا وقوة وازدهارا”، وهو ما علق عليه رومان هوريه بأنه التعبير الملموس عن رغبة ترامب في “جعل الجامعة مكانا للتدريب على الوطنية”.

مصطلحات وعبارات يجب تجنبها

تأمر المذكرة مسؤولي المؤسسة بحظر “المصطلحات الوصفية التي تحدد الوضع الاقتصادي الشخصي للطالب كدينه وعرقه وتوجهه الجنسي”، وعبارات مثل “التنوع والمساواة والإدماج والهوية والجنس والهوية الجنسية وتأكيد الجنس ومجتمع الميم والتربية الجنسية والنساء والفتيات والأقليات والأقل تمثيلا والمحرومين والمضطهدين والمتميزين والضعفاء والفئات السكانية الهشة”.

ويرى هوريه أن السرعة التي يتم بها تنفيذ هذا النظام مثيرة للقلق للغاية، وقد عبرت أليس (لم يذكر سوى اسمها الأول) -وهي موظفة في المؤسسة المسؤولة عن الطلاب الأجانب- عن صدمتها عند اكتشاف هذه الوثيقة، وقالت “من الآن فصاعدا، علينا أن نخاف باستمرار من قول الشيء الخطأ. ومن المحبط للغاية أن نرى أن كلمات مثل “الإدماج” و”التنوع” وحتى “المرأة” تعتبر الآن كلمات إشكالية”.

وأضافت أليس “أنا نسوية وأنا جزء من مجتمع الميم وقضيت جزءا كبيرا من حياتي في الدفاع عن حقوق الإنسان، واليوم قيل لي إنني لا أستطيع حتى الاعتراف بهويتي علنا أثناء ممارستي مهام عملي. هذا يجعلني غاضبة. كيف يمكنني العمل في منظمة تحظر هذا؟ أشعر وكأنني أخون نفسي ومبادئي. لا أستطيع أن أتظاهر بأن هذا مقبول”.

ويوضح مسؤول دعم الطلاب الأجانب كيف تم توجيه إحدى فرق المؤسسة بتحرير أو حذف جميع منشورات وسائل التواصل الاجتماعي “التي تذكر النسوية”، وهو إجراء شبيه بتوجيه الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) الأخير “لتنظيف الإشارات إلى السكان الأصليين والنساء من مواقعها على الإنترنت”.

منعطف استبدادي خطير

وتصف أليس الخوف الذي ساد المؤسسة منذ تطبيق هذه التدابير الجديدة، قائلة إن زملاءها يخافون على مستقبلهم، وتتساءل “ما التنازلات التي يتعين علينا قبولها للحفاظ على وظائفنا؟”، مشيرة إلى أن الكثير من الموظفين يؤمنون بمهمة المؤسسة في مساعدة الشباب في الحصول على تعليم جيد، وأنهم لا يريدون أن يفقدوا فرصة التأثير لمجرد أنهم يعبرون عن عدم موافقتهم.

ويشعر العديد من العلماء بالقلق، ويشير رومان هوريه إلى أن هناك صدمة حقيقية لوحشية هذا النهج، خاصة أن الولايات المتحدة مدينة بجزء من ثروتها ونجاحها لهجرة الأدمغة الأوروبية التي استقرت فيها أثناء الحروب.

وتلاحظ صوفي فوليرتون الباحثة بجامعة نيويورك هذا القلق بشكل يومي، وتقول للموقع “إن هذه الحرب الأيديولوجية محسوبة للغاية وهي إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تنزلق بسرعة نحو الحكم الاستبدادي. هذه الأنظمة تصل إلى السلطة من خلال صدمة الشعوب وتطبيع الغضب ودفن المعارضة حتى الخضوع”.

وختم الموقع بقول الباحثة إن “الولايات المتحدة كانت منارة ديمقراطية ألهمت بلدانا أخرى، وأخشى أن تصبح اليوم منارة للاستبداد الذي قد يجد صدى له في بلدان أخرى، وخاصة في أوروبا”.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.