في ظل تصاعد الحرب في لبنان وفلسطين، يعاني الفلسطينيون من مجازر متواصلة، ويبدو أن المجتمعات الغربية متواطئة في صمتها أمام جرائم الاحتلال الإسرائيلي، التي بات من الصعب تجاهل حقيقتها. وفقًا لمقالٍ نشر على موقع ميديا بارت للكاتبة كارين فوتو، فإن التصعيد العسكري الإسرائيلي قد أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص في غزة، مما يجعل هذه الحرب واحدة من الأكثر دموية في تاريخ القرن الواحد والعشرين. وعلى الرغم من الإدانات الدولية، لا تزال القوى الغربية مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية تقدم دعمًا عسكريًا واقتصاديًا لإسرائيل، مما يعكس عجزًا أو تواطؤًا مقلقًا في مواجهة هذه الجرائم.
تشير الكاتبة إلى أن تأثير هذه المجزرة لا يتوقف عند حد فقدان الأرواح، بل يتعدى ذلك ليشمل تدمير الذاكرة والثقافة الفلسطينية، بالإضافة إلى البنية التحتية الأساسية مثل المدارس والمستشفيات. وقد أكدت محكمة العدل الدولية وجود خطر وشيك يهدد السكان في غزة، حيث أصدرت توصيات لإسرائيل بضرورة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع أي أعمال إبادة جماعية. ومع تصاعد الاتهامات الموجهة لقادة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، تبقى حركتهم العسكرية تتصاعد مع استمرار معاناة المدنيين.
على الرغم من وجود آليات قانونية دولية يمكن استخدامها لمحاسبة إسرائيل، فإن المجتمع الدولي يظهر عدم القدرة أو عدم الرغبة في اتخاذ خطوات فعلية لتوقيف المجزرة. يُظهر التاريخ أن القوى الكبرى باستطاعتها التأثير على ديمومة الصراع، إذ لو أوقفت الولايات المتحدة والدول الأوروبية دعمها العسكري والاقتصادي لإسرائيل، لكان لذلك تأثير كبير على وقف العنف. إلا أن الكاتبة ترى أن القوى الغربية ليست عاجزة بل موجهة بتحفظ أو تواطؤ تجاه هذه الأفعال، مما يسمح بإفلات مجازر إسرائيل من العقاب.
من جهة أخرى، ترتكب المجتمعات الغربية خطأً فادحًا بإنكار ما يحدث وتجنب الانخراط في المطالبة بالتغيير. الكاتبة تتحدث عن غياب الوعي في الصفوف المدنية الغربية بسبب الرقابة الإسرائيلية على المعلومات الواردة من غزة، مما يعيق فهم الواقع المعقد الذي يعيش فيه الفلسطينيون. وبدلاً من رؤية الحقيقة، تُبث حملات دعاية تعمل على تقليل أهمية الخسائر البشرية، وتسمح لذلك بالاستمرار دون مواجهة حقيقية.
وتستمر الكاتبة في عرض الأسباب الجذرية لتجاهل المجتمعات الغربية لما يجري في فلسطين، مشيرة إلى التاريخ الاستعماري الذي يغذي العنصرية الراسخة. هذه العنصرية لا تزال تؤثر على كيفية رؤية المجتمعات الغربية للصراع، مما يعكس فشلًا ذريعًا في الاعتراف بمسؤولياتها التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني. ومع ذلك، تفشل المجتمعات في التجاوب بشكل كامل مع القضية، وتتجنب استجواب القيم التي تقوم عليها، وهو ما يكرس اللامبالاة تجاه المآسي التي يعيشها الفلسطينيون.
الكاتبة ترى أنه لا يمكن فهم ما يحدث في فلسطين بمعزل عن التأثيرات الاستعمارية التاريخية. إن قيام إسرائيل، كدولة تعتبرها جزءًا من دولة تغتصب حقوق الفلسطينيين، يتجاوز مسألة الهوية، بل يُعتبر نتاجًا طويل الأمد من الظلم والتهميش. حتى بعد الوقائع المؤلمة مثل هجوم أكتوبر، يستمر وضع الفلسطينيين في التحول نحو واقع مرير من التمييز والعنف بدلا من أي جهود حقيقية نحو السلام.
في الختام، تدعو الكاتبة المجتمعات الغربية لإعادة التفكير في مواقفها وفحص ضميرها بشكل جماعي. من الضروري أن يُعترف بالجرائم الماضية وليس فقط الحالية، وأن يعاد بناء نظرة شاملة للواقع المعقد الذي يعيشه الفلسطينيون. وسط هذا الحوار الاثني والإنساني، تبقى قضية فلسطين تحتاج إلى إعادة نظر جذرية، ليس فقط في سياسات العالم الخارجي، بل أيضًا في الطريقة التي تُبنى بها المفاهيم الأساسية للعدالة والمساواة في ضوء التاريخ الاستعماري المتواصل.