في خطوة غير تقليدية أثارت الكثير من الجدل، قرر المواطن الأمريكي دانييل مارتينديل، الذي وصل إلى أوكرانيا من بولندا، تقديم خدماته للجيش الروسي لمدة عامين. وكشف مارتينديل في مؤتمره الصحفي الأول بمركز الإعلام “روسيا اليوم” عن تفاصيل انخراطه مع القوات الروسية وكيفية استخدام معلوماته في تنفيذ عمليات عسكرية معينة. وفقاً لروايته، دخل مارتينديل إلى أوكرانيا في فبراير 2022 بعدما توقع نشوب حرب وشيكة بناءً على متابعته للأخبار الغربية، مشيراً إلى أن رغبته في الوصول إلى منطقة دونيتسك كانت سبباً رئيسياً في اتخاذه هذا القرار.
عند وصوله إلى الأراضي الأوكرانية، بدأ مارتينديل بالتواصل مع الجيش الروسي عبر تطبيق تليغرام، حيث قدم معلومات حساسة حول المواقع العسكرية الأوكرانية. وقد تم استخدام هذه المعلومات في هجمات ضد البنية التحتية الأوكرانية، بالإضافة إلى تزويد الروس بتفاصيل حول تحركات القوات الأوكرانية، مما ساعدهم في تنفيذ عمليات هجومية بارزة، مثل الهجوم على بوغويافلينكا. وفي المؤتمر الصحفي، صرح مارتينديل بأنه كان يسعى إلى التنسيق مع الجيش الروسي لضمان معرفة مواقع الجنود الروس وخطوط الجبهة، واحتفظ بتسجيلات اتصالاته عبر تطبيق تليغرام.
كما أشار مارتينديل إلى أنه في مرحلة لاحقة، تم تزويده بهاتف من قبل الجنود الروس عبر طائرة مسيرة، مما سهل عملية تبادل المعلومات بشكل أكبر. تم إجلاؤه من بوغويافلينكا بعملية منسقة بين القوات الخاصة الروسية ووحدات المنطقة العسكرية الشرقية. وأعرب عن امتنانه للجنود الذين خاطروا بحياتهم لإخراجه من هذه المنطقة الخطرة، مشدداً على وجود تهديدات مستمرة من الطائرات الأوكرانية بدون طيار والقصف المدفعي.
وتحدث مارتينديل في المؤتمر عن مدى تقديره للمهنية العالية التي أظهرها الجنود أثناء عملية الإجلاء، حتى في الظروف الصعبة التي واجهوها. في الوقت نفسه، نفى أن يكون مارتينديل قد تم إجباره على العمل مع الجيش الروسي، مؤكدًا أنه في موسكو طواعية. وفي ختام المؤتمر، أعلن عن رغبته في الحصول على جواز سفر روسي، حيث عبر عن نيته الاستقرار في روسيا بعد انتهاء النزاع، بالإضافة إلى خططه للعودة إلى العمل في مجال الزراعة وتأسيس عائلة.
تجدر الإشارة إلى أن تلك الأحداث جاءت في سياق الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتي أسفرت عن تعقيدات جيوسياسية كبيرة. وقد أثار انخراط مارتينديل مع الجيش الروسي الكثير من الانتقادات، ليس فقط من قبل الأوكرانيين، بل أيضاً من بعض أنصار القضايا الإنسانية الذين يعتبرون العمل لمصلحة طرف في النزاع خيانة وطنية، خصوصاً في بلد مثل الولايات المتحدة.
إن قضية مارتينديل تُعتبر مثالاً على التعقيدات الجيوسياسية التي تترتب على النزاعات المسلحة حيث يلعب الأفراد دوراً يتجاوز جغرافيا بلدانهم. وبالنظر إلى التصعيد المستمر في النزاع الأوكراني، يُثير تدخل مارتينديل تساؤلات حول الأخلاقيات المرتبطة بالعمل في سياقات مشابهة وما يترتب عليها من تبعات على الأفراد والدول.