في 23 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن هجومها على مقر قيادة الجيش الإسرائيلي شمال قطاع غزة، حيث أسفر الهجوم عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف القوات الإسرائيلية. وتم استخدام قذائف “تي بي جي” المضادة للتحصينات، مما يشير إلى مستوى عالٍ من التنسيق والقدرة على استهداف أهداف إستراتيجية في سياق الحرب الحالية. الأحداث المتسارعة تشير إلى أن كتائب القسام لا تزال تحتفظ بقدرة فعالة على تنفيذ عمليات معقدة رغم الضغط العسكري والنفسى الذي تعرضت له، والذي نتج عنه فقدان العديد من القيادات.

قبل أيام من هذا الهجوم، قُتل العقيد إحسان دقسة، قائد اللواء 401 في الجيش الإسرائيلي، نتيجة تفجير عبوة ناسفة بجوار دبابة. يُعتبر دقسة من بين أعلى الرتب العسكرية المستهدفة منذ بدء العملية البرية، حيث كان له دور بارز في العديد من العمليات الهجومية. تدل هذه الأحداث على قدرة المقاومة على التخطيط والتنفيذ الجيد في ظل ظروف صعبة، مما يعكس وجود نظام قيادة فعال.

فهم تلك العمليات يتطلب النظر إلى مفهوم “الاغتيالات عالية القيمة”، التي تعتمد بشكل كبير على التنسيق بين الجهود الاستخبارية والتكتيكية. يحتاج النجاح في مثل هذه العمليات إلى تنظيم محكم ومرونة في تنفيذ الخطط، لذلك يمكن استنتاج أن المقاومة تمتلك هيكلاً تنظيمياً يعتمد على إدارة لامركزية، مما يسمح للقادة في الصفوف الأدنى باتخاذ قرارات سريعة دون الحاجة إلى إذن من القيادة المركزية.

تُعتبر تجربة الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية نموذجاً يُستأنس به في هذا السياق، حيث طور الألمان تكتيك “الأوفتراجيستاكتيك” الذي يتيح لقيادات الفرق اتخاذ قرارات بشكل مستقل؛ وهو ما سمح لهم بتحقيق نجاحات سريعة في المعارك. يمكننا أن نرى أثر هذه الاستراتيجية في تنظيم كتائب القسام، حيث تُظهر تكتيكاتها قدرة على التأقلم مع الظروف السريعة والمتغيرة في ساحات المعركة.

مركزية أو لامركزية، يغيب الإجماع حول كيفية تنظيم كتائب القسام في عملها؛ بعض الدراسات تشير إلى أن حماس تميل أكثر إلى اللامركزية، بينما يرى آخرون أنها تحتفظ ببعض خصائص التنظيم المركزي. يتفق الجميع على أنه لا يمكن تخفيض فاعلية حماس بمجرد استهداف قادتها، حيث تستمر قدرتها على تعويض الفقد واستعادة قيادات جديدة، وهو ما يجعل استراتيجياتها أكثر مرونة واستدامة.

هذا التنوع في هيكل القيادة يؤكد أهمية الاستجابة السريعة والتكيف مع الأوضاع المتغيرة، لا سيما في السياقات غير المتكافئة، كما هو الحال في الصراع مع الجيش الإسرائيلي الذي يمتلك قدرات عسكرية أعلى. وبالتالي، تُعد العمليات الهجينة التي تتبناها كتائب القسام، بما في ذلك الكمائن وهجمات الإغارة، استراتيجيات فعالة تتيح لها الحفاظ على المبادرة في ظل عدم التوازن في القوة. إن مقاومة الاحتلال تتضمن استثمار دقيق للموارد المتاحة، وتوظيف القدرات المحلية والفرص بشكلٍ يتماشى مع إطار الحرب غير المتناظرة، مما يضيف بعدًا جديدًا للتحديات التي تواجهها القوات الإسرائيلية في غزة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version