اتجمعت أعداد غفيرة من المواطنين في ساحات نيامي، عاصمة النيجر، في مظاهرة حاشدة يوم السبت الماضي، للتعبير عن دعمهم لقرار الحكومة بإنهاء الاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة ومطالبة برحيل القوات الأميركية. تأتي هذه المظاهرة في سياق توجه النيجر نحو تعميق علاقاتها مع روسيا، خاصة مع وصول معدات ومدربين عسكريين روس مؤخرا. في العقد الماضي، شهدت العلاقات النيجرية-الأميركية تطورا ملحوظا، لكن توترت بعد الانقلاب العسكري في 2023 وإعلان الحكومة النيجرية إلغاء الاتفاق العسكري مع الولايات المتحدة.
يُعتبر النيجر ركيزة أساسية للإستراتيجية الأميركية في منطقة الساحل، وإغلاق القاعدة الأميركية في النيجر قد يؤثر على القدرة الأميركية على مراقبة والتعامل مع التهديدات المحتملة في المنطقة. من جهة أخرى، توجد أهداف ودوافع وراء توطين العلاقات مع روسيا، منها تعزيز الأمن القومي واستقلالية النيجر في مجال الطاقة والتصدي للإرهاب. التعاون مع روسيا قد يسهم في تطوير الدفاع والأمن لمكافحة التهديدات الإرهابية، بالإضافة إلى تحسين القدرات الاقتصادية والطاقوية للنيجر.
بالرغم من الفرص والتحسينات المحتملة التي قد تأتي من علاقات النيجر مع روسيا والصين، فإن هناك تحديات واقعية يجب مواجهتها. غياب الاستقرار في ليبيا ومخاطر الحرب والإرهاب قد يؤثر سلبا على أي مشاريع بنية تحتية في المنطقة. كما يُعبر بعض النخب السياسية عن مخاوف من استغلال المجلس العسكري الرغبة الشعبية لتعزيز السيادة لأغراض خاصة، مما يمكن أن يؤدي إلى خطر فقدان الاستقلال الحقيقي للنيجر.
يجب على الأطراف المعنية تجنب الاحتفال المفرط بفقدان الولايات المتحدة لنفوذها في المنطقة، لأن التحديات الأصعب لم تبدأ بعد. ينبغي تجنب الانجرار إلى صراع القوى في المنطقة والبقاء حذرين من التأثيرات السلبية المحتملة لتعزيز العلاقات مع روسيا والصين. تبقى أفريقيا ساحة لتجارب الصراع الدولي، ويجب على الدول الصغيرة أن تستغل التوازنات الدولية لصالحها بحكمة وحدة.