يعقد المجلس المركزي الفلسطيني يومي الأربعاء والخميس دورته الـ32، وذلك في مقر الرئاسة الفلسطينية بمدينة رام الله في الضفة الغربية، وعلى أجندتها قضايا تخص الشأن الفلسطيني وأخرى تخص الهرم السياسي.

والمجلس المركزي هو هيئة وسيطة بين المجلس الوطني الفلسطيني الذي هو بمثابة برلمان منظمة التحرير الفلسطينية ومنبثقة عنه ومسؤولة أمامه، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير (حكومة المنظمة) ويتكون من اللجنة التنفيذية ورئيس المجلس الوطني وغيرهم من ممثلي الفصائل والاتحادات الشعبية والكفاءات الفلسطينية.

المجلس -الذي تنص لائحته الداخلية على انعقاده كل 3 أشهر- لم ينعقد رغم مضي نحو عام ونصف العام على حرب الإبادة في قطاع غزة والمستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعقد دروته الـ31 في فبراير/شباط 2022.

وقد قرر في حينه تعليق الاعتراف بإسرائيل وإنهاء التزامات السلطة بكافة الاتفاقيات معها ووقف كل التنسيق الأمني، لحين اعترافها بدولة فلسطينية ووقف الاستيطان، وهو ما لم ينفذ وفق محللين.

محمود عباس أعلن في القمة العربية في القاهرة بداية مارس/آذار استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير (مواقع التواصل)

ماذا على الأجندة؟

وفق الدعوة الموجهة من رئيس المجلس الوطني روحي فتوح لأعضاء المجلس المركزي فإن الدورة المقبلة تنعقد تحت عنوان “لا للتهجير ولا للضم – الثبات في الوطن – إنقاذ أهلنا في غزة ووقف الحرب – حماية القدس والضفة الغربية – نعم للوحدة الوطنية الفلسطينية الجامعة”.

أما جدول أعمال الاجتماع فتضمن في نسخته الأولى الموزعة على الأعضاء بند تعديل ميثاق منظمة التحرير بما يتيح استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية، لكنه أسقط من نسخة ثانية، وفق مصادر للجزيرة نت.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أعلن، في 5 مارس/آذار لأول مرة، قرار استحداث منصب وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، واتخاذ الإجراءات القانونية من أجل ذلك.

وفي حديث لتلفزيون فلسطين الحكومي قبل أيام، أوضح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية أن موضوعات مختلفة على جدول أعمال اجتماع المجلس المركزي، من بينها تعديل النظام الداخلي بما يتيح استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ووفق اشتية، فإن استحداث المنصب يتطلب تعديل اللائحة الداخلية لمنظمة التحرير وتحديدا المادة الـ13، وهذا من اختصاص المجلس المركزي الذي يقوم بدور المجلس الوطني.

وتنص المادة الـ13 من ميثاق المنظمة على أن يتم انتخاب جميع أعضاء اللجنة التنفيذية من قبل المجلس الوطني، وأن يتم انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية من قبل اللجنة التنفيذية، التي تنتخب من داخل المجلس.

ويتطلب تعديل النظام الأساسي للمنظمة أو تغييره أو الإضافة إليه موافقة المجلس الوطني للمنظمة بأغلبية ثلثي أعضائه، لكن عام 2022 قرر المجلس الوطني تفويض المجلس المركزي بمهامه.

Hussein Al-Sheikh, Secretary General of the Executive committee of the Palestine Liberation Organization (PLO), speaks during an interview with Reuters, in Ramallah in the Israeli-occupied West Bank December 16, 2023. REUTERS/Ammar Awad
حسين الشيخ الاسم أكثر تداولا لتولي منصب نائب رئيس منظمة التحرير (رويترز)

التعديل المطلوب

عن طبيعة التعديل، يقول اشتية إن هناك مشاورات بين الفصائل وداخل حركة فتح، مشيرا إلى نصوص مقترحة منها أن تقوم اللجنة التنفيذية -التي تنتخب الرئيس- بانتخاب نائب الرئيس بصلاحيات واضحة ومحددة أو يقوم الرئيس باختيار نائبه بصلاحيات واضحة ومحددة.

ووفق اشتية، فإن “هموم وقضايا الشعب الفلسطيني أكبر وأهم من منصب نائب الرئيس، والمطلوب من الاجتماع مراجعات سياسية وطنية على كل المفاصل”، مشيرا إلى “سؤال كبير على المجلس المركزي الإجابة عنه: إلى أين نذهب؟”.

ويتشكل النظام السياسي الفلسطيني من 3 مكونات رئيسها واحد، فيما يغيب المجلس التشريعي المنتخب عام 2006 -والذي فازت فيه حركة حماس بالأغلبية- بعد قرار المحكمة الدستورية حله عام 2018، وهي:

دولة فلسطين: في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 انتخب المجلس المركزي الفلسطيني عباس رئيسا لدولة فلسطين، ليشغل منصبا ظل شاغرا منذ وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004، والذي انتخبه المجلس ذاته بعد إعلان وثيقة الاستقلال عام 1989.

منظمة التحرير: في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 انتخبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عباس رئيسا لها في اليوم ذاته الذي توفي فيه عرفات.

السلطة الفلسطينية: في يناير/كانون الثاني 2025 انتخب محمود عباس رئيسا للسلطة الفلسطينية في انتخابات عامة جرت في الأراضي المحتلة.

ضغوط خارجية

وفق عضو المجلس المركز الفلسطيني، ونائب رئيس المجلس التشريعي سابقا، حسن خريشة فإن منصب الرئيس من أبرز القضايا المطروحة في الاجتماع المقبل، ويأتي نتيجة لضغط خارجي، عربي وغربي.

وأضاف في حديثه -للجزيرة نت- أن قضية استحداث منصب نائب الرئيس تذكر بالضغوط الأميركية على الرئيس الفلسطيني السابق في أواخر حياته لتعيين نائب له بصلاحيات واضحة، وهو ما فهم في حينه على أنه سحب للبساط من تحت قدمي الرئيس الراحل وتجريده من صلاحياته.

عدا عن قضية استحداث منصب نائب الرئيس، يوضح خريشة أن المجلس اتخذ العديد من القرارات سابقا دون أن تنفذ، ولن يكون مصير أي قرارات جديدة مختلفا.

وتابع “إذا كان الدمار والخراب والدماء والحرب على غزة على مدى 18 شهرا لم توحد النخب السياسية، ولم تستدع اجتماع المجلس المركزي فليس لنا أن ننتظر جديدا في اجتماع هذا الأسبوع”.

تجديد الشرعيات

أما المحلل السياسي يوسف الشرقاوي فيرى أن المتوقع من اجتماع المجلس المركزي يشير إليه الواقع “هناك محاولة لتجهير القانون الأساسي لمنظمة التحرير بهدف تولي أمين سر اللجنة التنفيذية الحالي حسين الشيخ منصب نائب الرئيس”.

وأضاف أن ما يجري “غير شرعي، والنقطة الرئيسية في الاجتماع هي منصب نائب الرئيس، مع إضافة ديباجة معتادة كالحديث عن اجتماعات في لحظة دقيقة وحرجة والتصدي للاستيطان وغيرها”.

ورأى في حديثه -للجزيرة نت- أن اجتماع المجلس المركزي -والذي لم ينعقد على مدى 18 شهرا من المجازر- وخلافا لشعار “القرار الوطني المستقل” يأتي “استجابة لضغط عربي ودولي وأممي”.

ويرى أن مشاركة فصائل منظمة التحرير في تعديل النظام الأساسي للمنظمة فيه “تعد على دستورها” وأن اختيار نائب الرئيس يجب أن يتم عن طريق صندوق الاقتراع.

وشدد على أن ما يجري “غير شرعي” وأن المطلوب “تجديد الشرعيات جميعها (الرئاسة، المجلس الوطني، المجلس التشريعي) لتخرج من صندوق الاقتراع المعطّل”، محذرا من أن يقود تعديل القانون الأساسي للمنظمة إلى أن يكون النائب القادم هو رئيس المستقبل بعيدا عن صندوق الاقتراع”.

مشاورات وتحذير

وأعلنت حركة فتح أن لجنتها المركزية ستعقد هذا الأسبوع اجتماعين، تمهيدا لجلسة المجلس المركزي، بهدف التوصل إلى توافقات بشأن منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية.

كما شكلت لجنة للحوار مع فصائل منظمة التحرير تحضيرات لاجتماع المجلس المركزي للمنظمة التي لا تضم حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي.

ومن جهته، قال المؤتمر الوطني الفلسطيني -في بيان الاثنين- إن الدعوة للاجتماع جاءت “استجابةً لضغوط خارجية، تهدف إلى إجراء تعديل على النظام الداخلي لمنظمة التحرير، باستحداث منصب نائب رئيس للجنة التنفيذية للمنظمة”.

وأضاف أن “دعوة المجلس للانعقاد تحت ضغوط معلنة لم تعد خافية على أحد، لتحقيق هدف واحد: محاولة فرض رئيسٍ جديدٍ على الشعب الفلسطيني، من خلال استحداث موقع نائبٍ للرئيس”.

وحذر من “إجراء تغييرات وإضافات في عضوية المجلس المركزي، دون مصادقة المجلس الوطني” وعبر عن رفضه لـ”انعقاد دورة المجلس المركزي بإملاءات خارجية”.

والمؤتمر الوطني الفلسطيني مبادرة أطلقتها شخصيات فلسطينية داخل وخارج فلسطين للمطالبة “بإعادة بناء منظمة التحرير على أُسس ديمقراطية جامعة، والضغط لتشكيل قيادة فلسطينية موحّدة”، وفق ما هو مدون على موقعها الإلكتروني.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.