تزايد الجدل في السودان بعد دعوة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” لإنشاء مناطق آمنة منزوعة السلاح لحماية المدنيين، وبينما يعبر بعض المراقبين عن شكوكهم في جدوى هذا الاقتراح، يعتقد آخرون أنه يحمل دوافع سياسية قد تعزز قوات الدعم السريع في النزاع القائم. وفي لقاء مع مسؤولين بريطانيين، أكد خالد عمر يوسف، نائب رئيس حزب المؤتمر، أن المطالب تتضمن حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية، وهو ما يعكس احتياجات الوضع الراهن في البلاد. ومع دخول الحرب في السودان شهرها الثامن عشر، لا يزال الوضع مقلقاً وتزداد الحاجة لحلول فعالة.

وفي السياق نفسه، سعى المتحدث باسم التنسيقية بكري الجاك إلى توضيح أن أي خطة لحماية المدنيين يجب أن تبدأ مع وقف فعلي للأعمال العدائية وتلاها تطوير خارطة طريق نحو سلام شامل. كما اقترح إنشاء ثلاث مناطق آمنة على الحدود مع دول الجوار، مشيراً إلى ضرورة التشاور مع الأطراف المعنية. ورغم تأكيد الجاك ضرورة نشر قوات من دول الجوار لتأمين المناطق الآمنة، يبقى التساؤل حول الإفادة من هذه التدابير العملية في خضم الصراع المستمر.

من جهته، أكد المبعوث الأميركي توم بيريلو أنه لا توجد خطط حالية لنشر قوات أممية في السودان، مشيراً إلى أن الجهود السابقة لخلق مناطق منزوعة السلاح لم تكن ذات جدوى. ويرى بعض المراقبين أن اعتماد السودان على المجتمع الدولي لحل أزماته هو “رهان خاسر”، مؤكدين الفشل في التوصل إلى تسويات سياسية فعالة قبل اندلاع الحرب. بينما تساءل البعض عن جدوى محاولات المجتمع الدولي الحالية، مطالبين بإعادة تقييم الاستراتيجيات المعتمدة.

في ذات الإطار، انتقد أمجد فريد، مدير مركز فكرة، مسعى “تقدم” في التركيز على قضية حماية المدنيين، مشيراً إلى أن التحالف يستخدم تلك القضية لأغراض سياسية. واعتبر فريد أن المطالب المتعلقة بحظر الطيران تتداخل مع الأهداف العسكرية، مما يزيد تعقيد الوضع في السودان. ويعتبر أن هذه الدعوات تعكس تحرك الأطراف الداعمة لقوات الدعم السريع، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول نزاهة هذه المطالب.

أما الخبير القانوني أحمد المفتي، فقد أشار إلى أن تنفيذ فكرة المناطق الآمنة يتطلب موافقة الحكومة السودانية، خاصة في ظل الاستعانة بالقوات الأممية التي لم تحقق نتائج إيجابية في السابق. وأكد أن الحل الجذري للأزمة هو التوصل إلى اتفاق سلام يخدم جميع الأطراف، بعيداً عن الاعتماد على التدخلات الخارجية، التي قد لا تؤدي إلى الاستقرار.

وفي تحليل أخير حول جدوى اقتراح تحالف “تقدم”، اعتبر المحلل فيصل عبد الكريم أن المقترحات الحالية لا تعكس رؤية واضحة، إذ قد تفضي إلى فرض عقوبات على الحكومة، في حين لا تشمل العقوبات قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين. وهكذا، تظل الأوضاع في السودان تشكل تحدياً كبيراً يتطلب اهتماماً دولياً جاداً وبحثًا عميقًا في الحلول المطروحة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.