بدأ وزير خارجية الهند، جيشنكار، زيارة رسمية إلى سريلانكا، وهي الأولى بعد انتخاب الرئيس الجديد، الماركسي أنورا كمارا ديساناياكه. يتزامن هذا الحدث مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في المحيط الهندي، حيث تعكس الزيارة المنافسة بين نيودلهي وبكين. الرئيس ديساناياكه قد أعرب سابقًا عن عزمه إلغاء مشروع طاقة الرياح الممنوح لشركة “أداني” الهندية، مشيرًا إلى وجود مخالفات في المشروع، مما يوحي بتوجه سريلانكا نحو تعزيز استقلاليتها في مجال الطاقة.
تحمل هذه الزيارة أيضًا دلالات كبيرة في السياق الإقليمي، حيث تسعى الصين لتعزيز نفوذها في سريلانكا، دولة تقع في موقع استراتيجي على طرق التجارة البحرية الدولية. الهند، التي تعتبر هذا النفوذ تهديدًا لأمنها القومي، تسعى للحفاظ على علاقاتها الثنائية. العداوة التاريخية بين الهند والصين، إلى جانب الصراعات الحدودية السابقة، تعزز من أهمية الزيارة الهندية وتأثيرها في مستقبل العلاقات بين الدولتين في المحيط الهندي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك قلق هندي بشأن سريلانكا بعد تغيير موازين القوى في منطقة المحيط الهندي، خاصة مع فقدان الهند لأصدقاء تقليديين في المالديف وبنغلاديش. الرئيس المالديفي اتخذ خطوات للتقرب من الصين، مما يزيد من حذر الهند. كما تشهد بنغلاديش تغييرات سياسية مع وجود حكومة جديدة تضع العلاقات الهندية في موضع الشك. يشير العديد من المحللين إلى أن الحكومة السريلانكية الجديدة قد تسعى لتبني مواقف أكثر قربًا من بكين.
ومع ذلك، يُبرز مراقبون أهمية الوضع الاقتصادي لسريلانكا في توجيه السياسة الخارجية للبلاد، حيث تعتبر الحكومة بحاجة ماسة إلى استثمارات وتحسين اقتصادها المتعثر. في تصريحات سابقة، نصَّ الرئيس ديساناياكه على ضرورة اتخاذ قرارات مستندة إلى المصلحة الوطنية بعيدًا عن الهوى الجيوسياسي. تشير تقديرات إلى أن كولومبو تسعى لإيجاد توازن في علاقاتها مع كل من الهند والصين لضمان مصالحها الاقتصادية.
يقترح المحلل كرووته أن يتبع الرئيس الجديد سياسة عدم الانحياز، مما يرتب عملية منهجية في التعامل مع القوى الأجنبية. يتوقع أن يسعى ديساناياكه لعقد اتفاقيات مع الدول الأخرى بما يتماشى مع الشفافية، وهو أمر قد يُساعد سريلانكا على تحقيق توازن بين نفوذ الهند والصين. تصريحات الرئيس حول عدم استخدام بلاده كقاعدة ضد أمن المنطقة تشير إلى نوايا لترسيخ الاستقرار ودعم النمو الاقتصادي.
أخيرًا، يُعتبر التعاون الاقتصادي مع الهند والصين أمرًا حيويًا لسيرلانكا، التي تعتمد كثيرًا على وارداتها من هذين البلدين، حيث تُعتبر الهند المورد الأول. في هذا السياق، يُشدد البعض على أهمية تخطي أي سياسة تمييزية توحي بتفضيل دولة على أخرى، بل العمل على ضمان عدم استفادة أي منهما بشكل مفرط عبر التعاون العادل بينهما، مما يعكس الرغبة السريلانكية في ممارسة سيادة متوازنة واستراتيجية في السياسة الخارجية.