تشير الأوضاع الحالية في المنطقة إلى تصعيدٍ متزايد بين إيران وإسرائيل، خاصةً في ظل الأوضاع السياسية التي تمر بها حكومة نتنياهو. حيث أثارت الضغوط الأميركية القوية جدلاً حول طبيعة الهجوم الإسرائيلي على المنشآت الإيرانية، الذي كان محدوداً مقارنةً بالخطط الكبرى التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بشأن توجيه ضربات قوية للبنية التحتية الإيرانية، بهدف إسقاط النظام. وتُعتبر هذه الضغوط مؤشراً على التحديات التي تواجهها إسرائيل في تحقيق أهدافها دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة أو استفزاز إيران بشكل يتطلب رداً عسكرياً واسع النطاق.
ونقلت تقارير إعلامية، مثل صحيفة واشنطن بوست ووسائل إعلام أخرى، أن إسرائيل قد نسقت مع إيران، من خلال قنوات ثالثة، حول الأهداف المرجوّة من الهجوم، مما أدّى إلى تقليل عدد الضحايا وترك المجال لإيران لإنكار الأضرار. حيث ظهر أن الهجوم كان يهدف لحسابات دقيقة تهدف إلى تجنب تصعيد كبير ضد إيران، ما يعزز الرأي أن الضربة لم تكن جادة بما يكفي لإحداث تغييرات جذرية في استراتيجية إيران العسكرية أو الاقتصادية.
في الوقت نفسه، أظهر بعض المحللين أن الهجمات كانت تستهدف تحييد الدفاعات الجوية الإيرانية، مما يمهّد الطريق لعمليات مستقبلية أكثر فاعلية إذا لزم الأمر. هذه الاستراتيجية تهدف إلى عصر التوازن العسكري الحالي، وتشير إلى رغبة إسرائيل في إبقاء إيران تحت ضغط دون وقوع تصعيد دموي مستمر. ومع ذلك، تعكس الأساليب المستخدمة في الهجوم المخاوف من احتمال حدوث ردود فعل إيرانية قد تؤدي إلى تصعيدات غير محسوبة.
من جهة أخرى، كان هناك انتقادات شديدة من بين الساسة الإسرائيليين للقرار بعدم استهداف البنى التحتية الاقتصادية والعسكرية الرئيسية في إيران. وأبرز زعيم المعارضة يائير لبيد يأسه من كون الهجوم الإسرائيلي “فرصة مهدورة”. وانتقدت عضو الكنيست عن حزب الليكود، تالي غوتليب، القرار بالقول إن الهجوم لم يحقق الأهداف المطلوبة، وأن عدم استهداف المنشآت النووية سيكون له تداعيات سلبية على المدى الطويل. هذه الانتقادات تكشف عن وجود تباينات كبيرة في الرؤية الاستراتيجية لكيفية التعامل مع التهديدات الإيرانية.
أيضاً، لم يدخر أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، جهداً في انتقاد الهجوم لإخفاقه في تحقيق نتائج ملموسة، حيث اعتبر أن الحكومة الإسرائيلية تفضل اتخاذ قرارات غير حاسمة بدلاً من جني المكاسب الحقيقية. تشير هذه الانتقادات إلى تحديات القيادة الإسرائيلية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، في ظل الضغوط الأميركية والمواجهة المستمرة مع حزب الله في لبنان.
في النهاية، تُظهر هذه الأوضاع الضغوطات المعقدة التي يواجهها نتنياهو، حيث يتعلق الأمر بموازنة الحاجة لرد عسكري فعّال ضد التهديد الإيراني مع الحفاظ على علاقته مع الولايات المتحدة. تلك الأبعاد السياسية والعسكرية تعكس أزمة ثقة داخليّة في قدرة الحكومة على إدارة التحديات الأمنية المُعقدة، مما يضع إيران في موقع متميز في الحسابات الاستراتيجية المستقبلية.