في الذكرى الأولى لعملية “طوفان الأقصى” والحرب الإسرائيلية التي تلتها في غزة، أصبح الوضع في الشرق الأوسط أكثر توتراً من أي وقت مضى. التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية باتت حديث الساعة، حيث تشير التسريبات إلى أن طهران جاهزة لصناعة القنبلة النووية. هذه الظروف شجعت إسرائيل على القيام بمناورات عسكرية فوق البحر المتوسط، حيث تقوم بمحاكاة لرحلات طويلة المدى بالقرب من إيران استعدادًا لضرب أهداف حيوية. في المقابل، يشهد المجتمع الإيراني نقاشات متزايدة حول ضرورة إنتاج قنبلة نووية كوسيلة ردع ضد التهديدات الإسرائيلية، إذ دعا حسن الخميني، حفيد المرشد الإيراني، إلى تعزيز الردع العسكري.

عندما يتم الحديث حول الفتوى التي أصدرها علي خامنئي تحظر إنتاج واستخدام أسلحة الدمار الشامل، يبرز سؤال حول إمكانية تعديلها في حال وجود تهديد وجودي. وقد أشار الشيخ مهدي مسائلي، الأستاذ في حوزة قم، إلى إمكانية تزايد الضغط لتعديل الفتوى بما يتماشى مع الظروف الخطيرة التي تواجهها البلاد. ورغم كون الفتوى تحظر استخدام السلاح النووي لأضراره الإنسانية، إلا أن الشيخ يعتبر أن التصنيع يمكن أن يرتبط بتعزيز الأمن القومي، مشددًا على أهمية الدفاع عن المسلمين في مواجهة التهديدات المتنوعة.

وفي سياق حديثه عن العتبة النووية، أكد مدير وكالة الاستخبارات الأميركية، وليام بيرنز، قدرة إيران على إنتاج قنبلة نووية في غضون أسبوع. ورغم حديثه عن قدرات إيران، إلا أنه لم يرَ دلائل على تغيير موقف المرشد الإيراني من تعليق برنامج التسليح النووي. تأتي هذه التصريحات في ظل تأكيدات سابقة من مسؤولين إيرانيين حول وجود قدرات تصنيع قنبلة نووية، على الرغم من عدم وجود قرار بتطويرها حتى الآن. يعتبر البعض أن هذه التصريحات تندرج ضمن سياسة ردع متقدمة وتهدف إلى التأكد من عدم القيام بأي عمليات عسكرية غير محسوبة ضد إيران.

السيناريوهات السيئة تثير قلق العديد من المحللين، حيث يرون أن الفرصة مواتية لإيران من أجل رفع مستوى ردعها العسكري، خاصة أمام التهديدات الإسرائيلية. تعمل إيران على تحصين منشآتها النووية وهياكلها الأساسية بشكل متين، مما يجعل من الصعب على أي هجوم أن يحقق أهدافه بسهولة. يشير المراقبون إلى أن تحصين هذه المنشآت يعكس اهتمام إيران بالاستعداد للسيناريو الأسوأ، وأن تصعيد التهديدات من قبل إسرائيل والأساليب الكبرى للوصول إلى القوة النووية أمور ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار.

من الناحية التقنية، توزع المنشآت النووية الإيرانية على عدة نقاط حيوية، مما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة أو إسرائيل استهدافها جميعًا بشكل فعّال. تشمل هذه المنشآت مناجم اليورانيوم ومراكز البحث والتخصيب والمفاعلات النووية. يُعتقد أن العديد من هذه المنشآت مخفية تحت الأرض ومحصنة بشكل كبير مما يصعب عملية الوصول إليها براعة الأسلحة الجوية. بالإضافة إلى ذلك، تتزايد صعوبة المعلومات الاستخباراتية حول النقاط الحرجة التي يمكن أن تؤدي إلى توقف النشاط النووي الإيراني، وذلك بسبب الدفاعات الجوية القوية والحماية التي توفرها القوات المسلحة الإيرانية.

في الختام، تتوجه الأنظار نحو مستقبل التوترات في الشرق الأوسط حيث تتداخل التهديدات الإسرائيلية مع الطموحات النووية الإيرانية. مع تزايد النقاشات داخل إيران حول القدرات النووية، يبدو أن خيارات الطيف النووي ستظل موضوعًا حيويًا للبحث والنقاش السياسي. تظل فتوى خامنئي بمثابة نقطة جدل رئيسية، لكن مع تزايد التهديدات، تتوقع إيران أن يمثل بناء القدرات النووية رادعًا محوريًا في مواجهة التهديدات الخارجية، مما يشير إلى أن الصراع المستمر في المنطقة قد يجلب معه تداعيات أكبر مما هو متوقع.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version