عبرت الباحثة الإسرائيلية ليراز مارغاليت، المتخصصة في سلوكيات الأفراد في العصر الرقمي، عن أن الدوافع وراء استجابة المواطنين الإسرائيليين لإغراءات الأجهزة الاستخباراتية لدول معادية، مثل إيران، تتنوع بين الرغبة في خوض تجارب مثيرة والحوافز المالية، بالإضافة إلى البحث عن المعنى في الحياة. في مقالها الذي نُشر في صحيفة “معاريف”، أوردت الكاتبة حالات جديدة لإسرائيليين ارتبطوا بالتجسس لصالح إيران، مما يثير تساؤلات حول العوامل النفسية والاجتماعية التي تدفع هؤلاء الأفراد إلى خيانة وطنهم.

تساءلت مارغاليت عما يدور في أذهان المواطنين الإسرائيليين الذين يقبلون عروضًا للتجسس لصالح إيران. وأوضحت أن الإيرانيين لا يجندون العملاء بشكل عشوائي، بل يقومون بدراسة الشخصية واختيار الأفراد الذين تتناسب سماتهم مع أهدافهم. وبيّنت الكاتبة أن فهم الدوافع النفسية التي تقود الأشخاص هو مفتاح لفهم كيفية تجنيدهم، حيث يمكن أن تشمل هذه الدوافع الحاجة إلى التقدير والارتباط الاجتماعي، بالإضافة إلى الرغبة في التأثير والمساهمة في مغامرات جديدة.

رغم الشائع بأن المال هو الدافع الأساسي للتعاون مع الاستخبارات الإيرانية، أكدت مارغاليت أن الدوافع النفسية والعاطفية تلعب دورًا كبيرًا أيضًا. فالكثير من الأفراد يسعون للهروب من روتين الحياة الممل وللبحث عن الإثارة، أو لتعويض نقص في القيمة الذاتية بسبب علاقاتهم الأسرية المضطربة. فعلى سبيل المثال، طلب موطني ميمان مليون دولار لتنفيذ مهام لصالح الإيرانيين، إلا أن الدافع الأساسي قد يتجاوز المال إلى الرغبة في الشعور بأن له دورًا في هدف أكبر.

وفيما يتعلق بحاليتي فيكتورسون وبرنشتاين، تمضي الباحثة لتفسير سلوكياتهم التي تتجاوز مجرد الإغراء المالي. إذ يبدو أن موافقتهم على المشاركة في عمليات خطيرة، مثل اغتيال شخصيات بارزة، يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء تصرفاتهم. يبدو أنهم مدفوعون بشغف الإثارة والتحدي، مما يوحي بوجود عناصر نفسية أكثر تعقيدًا وراء قراراتهم.

تشير مارغاليت إلى أن عمليات تجنيد العملاء تُدمج غالبًا بين الدوافع النفسية والاقتصادية، حيث يشعر المجندون بأن حياتهم قد اكتسبت معنى جديدًا ويكتسبون إحساسًا بالقوة من خلال العمل مع هيئات استخباراتية. توضح الكاتبة أن الإيرانيين يعتمدون على استراتيجيات نفسية مثل “الاستمرارية” و”الالتزام”، مما يجعل المجندين يشعرون بالتزامات تجاه المهام الموكلة إليهم، بدءًا بمهمات صغيرة حتى يصلوا لمهام أكثر خطورة.

في النهاية، تبرز الكاتبة أهمية اختيار المستهدفين وفق معايير محددة. في حالة ميمان، فإن علاقاته التجارية كانت عاملاً في اختياره، بينما يظهر أن فيكتورسون وبرنشتاين كانوا يبحثون عن تجارب أكثر إثارة وقيمة. كما أن طبيعة الشبكة المسؤولة عن التجنيد تلعب دورًا مهمًا في مدى تأثيرها على الأفراد. تشير مارغاليت إلى أن التقدم التكنولوجي في عالم التجسس قد لا يخفي حقيقة أن العنصر البشري يظل الحلقة الأضعف، حيث إن دوافع البشر تتداخل مع رغباتهم في الإثارة والمعنى والربح، مما يقودهم في النهاية إلى التجسس.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version